كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)
فَإِنَّ هَذَا كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ (¬1) وَالْعِلْمُ. وَمُجَرَّدُ رِوَايَةِ صَاحِبِ الْحِلْيَةِ وَنَحْوِهِ (¬2) لَا تُفِيدُ وَلَا تَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ ; فَإِنَّ صَاحِبَ الْحِلْيَةِ قَدْ رَوَى فِي فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَالْأَوْلِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ أَحَادِيثَ ضَعِيفَةً، بَلْ مَوْضُوعَةً بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ (¬3) ، وَهُوَ وَأَمْثَالُهُ مِنَ الْحُفَّاظِ الثِّقَاتِ أَهْلِ (¬4) الْحَدِيثِ ثِقَاتٌ فِيمَا يَرْوُونَهُ عَنْ شُيُوخِهِمْ، لَكِنَّ الْآفَةَ مِمَّنْ هُوَ فَوْقَهُمْ. وَهُمْ لَمْ يَكْذِبُوا فِي النَّقْلِ عَمَّنْ نَقَلُوا عَنْهُ، لَكِنْ يَكُونُ وَاحِدٌ مِنْ رِجَالِ الْإِسْنَادِ مِمَّنْ يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ أَوْ يَغْلَطُ، وَهُمْ يُبَلِّغُونَ عَمَّنْ حَدَّثَهُمْ مَا سَمِعُوهُ مِنْهُ، وَيَرْوُونَ الْغَرَائِبَ لِتُعْرَفَ. وَعَامَّةُ الْغَرَائِبِ ضَعِيفَةٌ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: " اتَّقُوا هَذِهِ الْغَرَائِبَ، فَإِنَّ عَامَّتَهَا ضَعِيفَةٌ ".
وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: هُوَ كَلِمَةُ التَّقْوَى. مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ (¬5) ، فَإِنَّ تَسْمِيَتَهُ (كَلِمَةً) مِنْ جِنْسِ تَسْمِيَةِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَلِمَةَ اللَّهِ (¬6) وَالْمَسِيحُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ مَثَلَهُ عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ، خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، فَهُوَ مَخْلُوقٌ بِالْكَلِمَةِ. وَأَمَّا عَلِيٌّ فَهُوَ مَخْلُوقٌ كَمَا خُلِقَ
¬_________
(¬1) بِالْحَدِيثِ: زِيَادَةٌ فِي (ح) ، (ب) .
(¬2) وَنَحْوِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ح) ، (ب) ، (ر) .
(¬3) أ، ب: بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالَ الذَّهَبِيُّ عَنِ السُّلَمِيِّ فِي مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 3/46 - 47. قِيلَ: كَانَ يَضَعُ الْأَحَادِيثَ لِلصُّوفِيَّةِ، وَانْظُرْ لِسَانَ الْمِيزَانِ 5/140 - 141 وَسَبَقَتْ تَرْجَمَةُ السُّلَمِيِّ 2/465.
(¬4) ح، ب: وَأَهْلِ.
(¬5) ن، م: أَنَّهُ كَذِبٌ.
(¬6) كَلِمَةَ اللَّهِ: كَذَا فِي (أ) ، (ب) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: كَلِمَةً.
الصفحة 79