كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 6)

وَالرَّافِضَةُ لَمْ تَطْعَنْ فِي ذَلِكَ، بَلْ لَمَّا غَلَتْ فِي عَلِيٍّ جَعَلَتْ ذَنْبَ عُمَرَ كَوْنَهُ تَوَلَّى، وَجَعَلُوا يَطْلُبُونَ لَهُ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ (¬1) ظُلْمُهُ فَلَمْ يُمْكِنْهُمْ ذَلِكَ.
وَأَمَّا عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يُحِبُّونَهُ وَيَتَوَلَّوْنَهُ، وَيَشْهَدُونَ بِأَنَّهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ، لَكِنَّ نِصْفَ رَعِيَّتِهِ يَطْعَنُونَ فِي عَدْلِهِ؛ فَالْخَوَارِجُ يُكَفِّرُونَهُ، وَغَيْرُ الْخَوَارِجِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ [وَغَيْرِ أَهْلِ بَيْتِهِ] (¬2) يَقُولُونَ: إِنَّهُ لَمْ يُنْصِفْهُمْ، وَشِيعَةُ عُثْمَانَ يَقُولُونَ: إِنَّهُ مِمَّنْ ظَلَمَ عُثْمَانَ، وَبِالْجُمْلَةِ لَمْ يَظْهَرْ لَعَلِيٍّ مِنَ الْعَدْلِ، مَعَ كَثْرَةِ الرَّعِيَّةِ وَانْتِشَارِهَا، مَا ظَهَرَ لِعُمَرَ، وَلَا قَرِيبٌ مِنْهُ.
وَعُمَرُ لَمْ يُوَلِّ أَحَدًا مِنْ أَقَارِبِهِ، وَعَلِيٌّ وَلَّى أَقَارِبَهُ، كَمَا وَلَّى عُثْمَانُ أَقَارِبَهُ، وَعُمَرُ مَعَ هَذَا يَخَافُ أَنْ يَكُونَ ظَلَمَهُمْ، فَهُوَ أَعْدَلُ وَأَخْوَفُ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَلِيٍّ، فَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ.
وَعُمَرُ مَعَ رِضَا رَعِيَّتِهِ عَنْهُ، يَخَافُ أَنْ يَكُونَ ظَلَمَهُمْ، وَعَلِيٌّ يَشْكُو مِنْ رَعِيَّتِهِ وَتَظَلُّمِهِمْ (¬3) ، وَيَدْعُو عَلَيْهِمْ وَيَقُولُ: إِنِّي أُبْغِضُهُمْ وَيُبْغِضُونِي (¬4) ، وَسَئِمْتُهُمْ وَسَئِمُونِي (¬5) . اللَّهُمَّ فَأَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْرًا مِنْهُمْ، وَأَبْدِلْهُمْ بِي شَرًّا مِنِّي.
{فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ؟
¬_________
(¬1) بِهِ: كَذَا فِي (ر) ، وَفِي (ن) ، (ح) ، (ي) : لَهُ.
(¬2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) .
(¬3) ن، ب: وَيَظْلِمُهُمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬4) ر: وَيُبْغِضُونَنِي.
(¬5) ب: وَأَسْأَمُهُمْ وَيَسْأَمُونِي، ن: وَلِشَتْمِهِمْ وَيَشْتُمُونِي، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

الصفحة 18