كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 6)
ذَلِكَ الْمَالِ، وَيُعْطِي مَنْ هُوَ أَبْعَدُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا وَيُعْطِي عَلِيًّا؟ ! .
ثُمَّ الْعَادَةُ الْجَارِيَةُ بِأَنَّ طُلَّابَ الْمُلْكِ وَالرِّيَاسَةِ لَا يَتَعَرَّضُونَ لِلنِّسَاءِ، بَلْ يُكْرِمُونَهُنَّ لِأَنَّهُنَّ لَا يَصْلُحْنَ لِلْمُلْكِ، فَكَيْفَ يُجْزِلُ (¬1) الْعَطَاءَ لِلرِّجَالِ، وَالْمَرْأَةُ يَحْرِمُهَا مِنْ حَقِّهَا، لَا لِغَرَضٍ أَصْلًا لَا دِينِيٍّ وَلَا دُنْيَوِيٍّ؟ !
[قَوْلُ الرَّافِضِيِّ أن عمر عَطَّلَ حُدُودَ اللَّهِ فَلَمْ يُحِدَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ والرد عليه]
وَأَمَّا قَوْلُ الرَّافِضِيِّ: " وَعَطَّلَ حُدُودَ اللَّهِ فَلَمْ يُحِدَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ ".
فَالْجَوَابُ: أَنَّ جَمَاهِيرَ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَا فَعَلَهُ عُمَرُ فِي قِصَّةِ الْمُغِيرَةِ، وَأَنَّ الْبَيِّنَةَ إِذَا لَمْ تَكْمُلْ حَدَّ الشُّهُودَ، وَمَنْ قَالَ بِالْقَوْلِ الْآخَرِ لَمْ يُنَازِعْ فِي أَنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةُ اجْتِهَادٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَا يَرُدُّ عَلَى عَلِيٍّ بِتَعْطِيلِ إِقَامَةِ (¬2) الْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ عَلَى قَتَلَةِ عُثْمَانَ أَعْظَمُ، فَإِذَا كَانَ الْقَادِحُ فِي عَلِيٍّ مُبْطِلًا، فَالْقَادِحُ فِي عُمَرَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ.
وَالَّذِي فَعَلَهُ بِالْمُغِيرَةِ كَانَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَأَقَرُّوهُ عَلَى ذَلِكَ، وَعَلِيٌّ مِنْهُمْ، وَالدَّلِيلُ عَلَى إِقْرَارِ عَلِيٍّ [لَهُ] (¬3) . أَنَّهُ لَمَّا جَلَدَ الثَّلَاثَةَ الْحَدَّ، أَعَادَ أَبُو بَكْرَةَ الْقَذْفَ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ زَنَى، فَهَمَّ عُمَرُ بِجِلْدِهِ ثَانِيًا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنْ كُنْتَ جَالِدَهُ فَارْجُمِ الْمُغِيرَةَ، يَعْنِي أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ إِنْ كَانَ هُوَ الْأَوَّلَ (¬4) . فَقَدْ حُدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ جَعَلْتَهُ (¬5) بِمَنْزِلَةِ قَوْلٍ ثَانٍ فَقَدْ
¬_________
(¬1) ح: يُجِيزُ.
(¬2) إِقَامَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ب) .
(¬3) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)
(¬4) ن: إِنْ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْأَوَّلَ، م: إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ
(¬5) ح، ر، ي: وَإِنْ جُعِلَ.
الصفحة 34
492