كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 6)

وَلِهَذَا تَجِدُ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ كِبَارِهِمُ الْأَمْرَ بِطَاعَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ مُطْلَقًا، وَأَنَّ مَنْ أَطَاعَهُ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ. وَلِهَذَا كَانَ يُضْرَبُ بِهِمُ الْمَثَلُ، يُقَالُ: " طَاعَةٌ شَامِيَّةٌ ".
وَحِينَئِذٍ فَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إِنَّ إِمَامَهُمْ لَا يَأْمُرُهُمْ إِلَّا بِمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ، وَلَيْسَ فِيهِمْ شِيعَةٌ، بَلْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يُبْغِضُ عَلِيًّا وَيَسُبُّهُ.
وَمَنْ كَانَ اعْتِقَادُهُ أَنَّ كُلَّ مَا يَأْمُرُ (¬1) الْإِمَامُ بِهِ فَإِنَّهُ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَأَنَّهُ تَجِبُ طَاعَتُهُ، وَأَنَّ اللَّهَ يُثِيبُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَيُعَاقِبُهُ عَلَى تَرْكِهِ - لَمْ يَحْتَجْ مَعَ ذَلِكَ إِلَى مَعْصُومٍ غَيْرَ إِمَامِهِ.
وَحِينَئِذٍ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا: أَنْ يُقَالَ: كُلٌّ مِنْ هَذِهِ الطَّوَائِفِ إِذَا قِيلَ [لَهَا] (¬2) : إِنَّهُ لَا بُدَّ لَهَا (¬3) مِنْ إِمَامٍ مَعْصُومٍ. تَقُولُ: يَكْفِينِي عِصْمَةُ الْإِمَامِ الَّذِي ائْتَمَمْتُ بِهِ، لَا أَحْتَاجُ إِلَى عِصْمَةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ: لَا عَلِيًّا وَلَا غَيْرَهُ. وَيَقُولُ هَذَا: شَيْخِي وَقُدْوَتِي. وَهَذَا يَقُولُ: إِمَامِي الْأُمَوِيُّ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ. بَلْ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ مَنْ يُطِيعُ الْمُلُوكَ لَا ذَنْبَ لَهُ فِي ذَلِكَ، كَائِنًا مَنْ كَانَ، وَيَتَأَوَّلُونَ قَوْلَهُ: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 5] .
فَإِنْ قِيلَ: هَؤُلَاءِ لَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِمْ (¬4) .
قِيلَ: هَؤُلَاءِ خَيْرٌ مِنَ الرَّافِضَةِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ.
¬_________
(¬1) ب: مَا أَمَرَ.
(¬2) لَهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬3) لَهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .
(¬4) ن: بِخِلَافَتِهِمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

الصفحة 431