كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 6)

وَالْإِمَامِيَّةُ فِي الْجُمْلَةِ يَعْتَقِدُونَ صِحَّةَ الْإِسْلَامِ فِي الْبَاطِنِ، إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُلْحِدًا، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ شُيُوخِ الشِّيعَةِ هُوَ فِي الْبَاطِنِ عَلَى غَيْرِ اعْتِقَادِهِمْ: إِمَّا مُتَفَلْسِفٌ مُلْحِدٌ، وَإِمَّا غَيْرُ ذَلِكَ.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الْكِتَابِ لَيْسَ هُوَ (¬1) فِي الْبَاطِنِ عَلَى قَوْلِهِمْ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ أَنْ يَتَظَاهَرَ بِهَذَا الْمَذْهَبِ، لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ. وَهَذَا يَقُولُهُ (¬2) غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ يُحِبُّ صَاحِبَ هَذَا الْكِتَابِ وَيُعَظِّمُهُ.
وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ وَأَمْثَالُهُ (¬3) حَائِرُونَ بَيْنَ أَقْوَالِ الْفَلَاسِفَةِ وَأَقْوَالِ سَلَفِهِمُ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَمَبَاحِثُهُمْ تَدُلُّ فِي كُتُبِهِمْ عَلَى الْحَيْرَةِ وَالِاضْطِرَابِ. وَلِهَذَا صَاحِبُ هَذَا الْكِتَابِ يُعَظِّمُ الْمَلَاحِدَةَ كَالطُّوسِيِّ وَابْنِ سِينَا وَأَمْثَالِهِمَا، وَيُعَظِّمُ شُيُوخَ الْإِمَامِيَّةِ. وَلِهَذَا كَثِيرٌ مِنَ الْإِمَامِيَّةِ تَذُمُّهُ وَتَسُبُّهُ، وَتَقُولُ: إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى طَرِيقِ الْإِمَامِيَّةِ.
وَهَكَذَا أَهْلُ كُلِّ دِينٍ: تَجِدُ فُضَلَاءَهُمْ فِي الْغَالِبِ، إِمَّا أَنْ يَدْخُلُوا فِي دِينِ الْإِسْلَامِ الْحَقِّ، وَإِمَّا أَنْ يَصِيرُوا مَلَاحِدَةً، مِثْلُ كَثِيرٍ مِنْ عُلَمَاءِ النَّصَارَى، هُمْ فِي الْبَاطِنِ زَنَادِقَةٌ مَلَاحِدَةٌ، وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ فِي الْبَاطِنِ يَمِيلُ إِلَى دِينِ الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ لِمَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنْ فَسَادِ دِينِ النَّصَارَى.
فَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الْمَعْصُومِ ثَابِتَةٌ، فَالْكَلَامُ فِي تَعَيُّنِهِ. فَإِذَا طُولِبَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِتَعْيِينِ مَعْصُومِهِ، وَمَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ (¬4)
¬_________
(¬1) هُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .
(¬2) م: يَقُولُ.
(¬3) م: وَأَشْبَهَ هُوَ وَأَمْثَالُهُ.
(¬4) هُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .

الصفحة 438