كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 6)

الْمَعْصُومُ دُونَ غَيْرِهِ، لَمْ يَأْتِ بِحُجَّةٍ أَصْلًا، وَتَنَاقَضَتْ أَقْوَالُهُ.
وَكَذَلِكَ الرَّافِضِيُّ أَخَذَ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ كَلَامَهُمْ فِي وُجُوبِ رِعَايَةِ الْأَصْلَحِ، وَبَنَى عَلَيْهِ (¬1) أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْصُومٍ. وَهِيَ أَقْوَالٌ فَاسِدَةٌ، وَلَكِنْ إِذَا طُولِبَ بِتَعْيِينِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ أَصْلًا إِلَّا مُجَرَّدُ (¬2) قَوْلِ مَنْ لَمْ تَثْبُتْ (¬3) بَعْدُ عِصْمَتُهُ: إِنِّي مَعْصُومٌ (¬4) .
فَإِنْ قِيلَ: إِذَا ثَبَتَ بِالْعَقْلِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْصُومٍ، فَإِذَا قَالَ عَلِيٌّ: إِنِّي مَعْصُومٌ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَعْصُومَ (¬5) ; لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ هَذَا غَيْرُهُ. قِيلَ لَهُمْ: لَوْ قُدِّرَ ثُبُوتُ مَعْصُومٍ فِي الْوُجُودِ، لَمْ يَكُنْ مُجَرَّدُ قَوْلِ شَخْصٍ: أَنَا مَعْصُومٌ، مَقْبُولًا، لِإِمْكَانِ كَوْنِ (¬6) غَيْرِهِ هُوَ الْمَعْصُومَ، وَإِنْ لَمْ نَعْلَمْ نَحْنُ دَعْوَاهُ (¬7) ، وَإِنْ لَمْ يُظْهِرْ دَعْوَاهُ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَسْكُتَ عَنْ (¬8) دَعْوَى الْعِصْمَةِ وَإِظْهَارِهَا عَلَى أَصْلِهِمْ، كَمَا جَازَ لِلْمُنْتَظَرِ أَنْ يُخْفِيَ نَفْسَهُ خَوْفًا مِنَ الظَّلَمَةِ.
وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَرْضِ مَعْصُومٌ غَيْرَ الِاثْنَيْ عَشَرَ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ وَلَمْ نَعْلَمْهُ، كَمَا ادَّعَوْا مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْمُنْتَظَرِ، فَلِمَ لَمْ يَبْقَ مَعَهُمْ دَلِيلٌ عَلَى التَّعْيِينِ: لَا إِجْمَاعَ وَلَا دَعْوَى.
¬_________
(¬1) ن، م: وَتَلَى (غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ) عَلَيْهِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬2) م: بِمُجَرَّدِ.
(¬3) ب: يَثْبُتْ، وَالْكَلِمَةُ غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ فِي (ن) ، (م) .
(¬4) ن، ب: لَمْ يَثْبُتْ (فِي (ن) غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ) إِلَّا بَعْدَ عِصْمَتِهِ: إِنَّهُ مَعْصُومٌ.
(¬5) ب: هُوَ مَعْصُومًا.
(¬6) كَوْنِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .
(¬7) ب: وَإِنْ لَمْ نَعْلَمْ مُجَرَّدَ دَعْوَاهُ.
(¬8) ب: عَلَى.

الصفحة 439