كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 6)

قِيلَ: الْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ (¬1) إِلَى الْعِصْمَةِ فِي كِلَيْهِمَا (¬2) ، وَعِلْمُهُ بِالْحَاضِرِ أَعْظَمُ مِنْ عِلْمِهِ بِالْمُسْتَقْبَلِ، فَكَيْفَ يَكُونُ مَعْصُومًا فِيمَا يَأْتِي، وَلَيْسَ مَعْصُومًا فِي الْحَاضِرِ؟
فَإِنْ قِيلَ: فَالنَّصُّ مُمْكِنٌ، فَلَوْ نَصَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى خَلِيفَةٍ. قِيلَ: فَنَصُّهُ عَلَى خَلِيفَةٍ بَعْدَهُ كَتَوْلِيَةِ وَاحِدٍ فِي حَيَاتِهِ، وَنَحْنُ لَا نَشْتَرِطُ الْعِصْمَةَ لَا (¬3) فِي هَذَا وَلَا فِي هَذَا.

وَجَوَابٌ سَابِعٌ: وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: أَنْتُمْ أَوْجَبْتُمُ النَّصَّ، لِئَلَّا يُفْضِيَ إِلَى التَّشَاجُرِ، الْمُفْضِي إِلَى أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ الَّتِي (¬4) لِأَجْلِ إِعْدَامِ الْأَقَلِّ مِنْهَا أَوْجَبْتُمْ نَصْبَهُ.
فَيُقَالُ: الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَوَلَّى بِدُونِ هَذَا الْفَسَادِ. وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ تَوَلَّيَا بِدُونِ هَذَا الْفَسَادِ. (* فَإِنَّمَا عَظُمَ هَذَا الْفَسَادُ فِي الْإِمَامِ الَّذِي ادَّعَيْتُمْ أَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ، فَوَقَعَ فِي وِلَايَتِهِ مِنْ أَنْوَاعِ التَّشَاجُرِ وَالْفَسَادِ *) (¬5) [الَّتِي] لِأَجَلٍ (¬6) إِعْدَامِ الْأَقَلِّ مِنْهَا أَوْجَبْتُمْ نَصْبَهُ، فَكَانَ مَا جَعَلْتُمُوهُ وَسِيلَةً إِنَّمَا حَصَلَ مَعَهُ نَقِيضُ الْمَقْصُودِ، [وَحَصَلَ الْمَقْصُودُ] (¬7) بِدُونِ وَسِيلَتِكُمْ، فَبَطَلَ كَوْنُ مَا ذَكَرْتُمُوهُ وَسِيلَةً إِلَى الْمَقْصُودِ.
¬_________
(¬1) ن: الدَّاعِيَةُ.
(¬2) ن، م: فِي كِلَاهُمَا، وَهُوَ خَطَأٌ.
(¬3) لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .
(¬4) ن، م: الَّذِي.
(¬5) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(¬6) م: مَا لِأَجَلٍ وَسَقَطَتِ الَّتِي مِنْ (ن) .
(¬7) عِبَارَةُ " وَحَصَلَ الْمَقْصُودُ " سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (ب) .

الصفحة 448