كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 6)
وَأَمَّا إِذَا كَانَ يَرُدُّ مَا تُنُوزِعَ فِيهِ إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (¬1) لَمْ يَحْتَجْ حِينَئِذٍ إِلَى نَصٍّ عَلَيْهِ لِحِفْظِ الدِّينِ، فَإِنَّ الدِّينَ (¬2) مَحْفُوظٌ بِدُونِهِ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَالنَّصُّ عَلَى مُعَيَّنٍ: إِنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ يُطَاعُ كَمَا يُطَاعُ الرَّسُولُ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ (¬3) وَيَنْهَى عَنْهُ وَيُبِيحُهُ، وَلَيْسَ (¬4) لِأَحَدٍ أَنْ (* يُنَازِعَهُ فِي شَيْءٍ، كَمَا لَيْسَ [لَهُ] (¬5) أَنْ *) (¬6) يُنَازِعُ الرَّسُولَ، وَأَنَّهُ يَسْتَبِدُّ بِالْأَحْكَامِ، وَالْأُمَّةُ مَعَهُ كَمَا كَانَتْ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَذَا (¬7) لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ بَعْدَ الرَّسُولِ، وَلَا يُمْكِنُ هَذَا لِغَيْرِهِ، فَإِنَّ أَحَدًا بَعْدَهُ لَا يَأْتِيهِ الْوَحْيُ كَمَا كَانَ يَأْتِيهِ، وَلَمْ يَعْرِفْ أَحَدٌ كُلَّ مَا عَرَفَهُ الرَّسُولُ، فَلَمْ يَبْقَ سَبِيلٌ إِلَى مُمَاثَلَتِهِ: لَا مِنْ جِهَتِهِ، وَلَا مِنْ جِهَةِ الرَّبِّ تَعَالَى.
وَإِنْ أُرِيدَ بِالنَّصِّ أَنَّهُ يُبَيِّنُ لِلْأُمَّةِ أَنَّ هَذَا أَحَقُّ بِأَنْ يَتَوَلَّى عَلَيْكُمْ مِنْ غَيْرِهِ، وَوِلَايَةُ هَذَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَأَصْلَحُ لَكُمْ فِي دِينِكُمْ وَدُنْيَاكُمْ، وَنَحْوَ هَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّهُ أَحَقُّ بِالتَّقَدُّمِ فِي خِلَافَةِ النُّبُوَّةِ - فَلَا رَيْبَ أَنَّ النُّصُوصَ الْكَثِيرَةَ بِهَذِهِ الْمَعَانِي دَلَّتْ عَلَى خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ.
وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ أَنْ يُتَابِعُوهُ، كَمَا أَمَرَهُمْ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُتَابِعُوا عُمَرَ، وَيَعْهَدَ إِلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ - فَهَذَا إِذَا عَلِمَ أَنَّ الْأُمَّةَ (¬8) تَفْعَلُهُ، كَانَ تَرْكُهُ خَيْرًا
¬_________
(¬1) ب فَقَطْ: وَالسُّنَّةُ إِذَا نُوزِعَ.
(¬2) ب: فَالدِّينُ.
(¬3) م: يُؤْمَرُ بِهِ.
(¬4) م: لَيْسَ.
(¬5) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) (م) .
(¬6) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م)
(¬7) م: لِهَذَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬8) م: لِلْإِمَامَةِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
الصفحة 452