كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 6)

وَالْمَجْنُونُ إِذَا صَالَ وَلَمْ يَنْدَفِعْ صِيَالُهُ إِلَّا بِقَتْلِهِ قُتِلَ، بَلِ الْبَهِيمَةُ إِذَا صَالَتْ وَلَمْ يَنْدَفِعْ صِيَالُهَا إِلَّا بِقَتْلِهَا قُتِلَتْ، وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَمْ يَكُنْ عَلَى قَاتِلِهَا ضَمَانٌ لِلْمَالِكِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ، وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: إِنَّهُ يَضْمَنُهَا لِلْمَالِكِ لِأَنَّهُ قَتَلَهَا لِمَصْلَحَتِهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَتَلَهَا فِي الْمَخْمَصَةِ، وَالْجُمْهُورُ يَقُولُونَ: هُنَاكَ قَتْلُهَا بِسَبَبٍ مِنْهُ لَا بِسَبَبِ عُدْوَانِهَا (¬1) ، وَهُنَا قَتْلُهَا بِسَبَبِ عُدْوَانِهَا (¬2) .
فَفِي الْجُمْلَةِ قَتْلُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ، كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْبَهِيمَةِ، لِدَفْعِ عُدْوَانِهِمْ [جَائِزٌ بِالنَّصِّ وَالِاتِّفَاقِ، (¬3) إِلَّا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ] (¬4) كَقَتْلِهِمْ فِي الْإِغَارَةِ وَالْبَيَاتِ وَبِالْمَنْجَنِيقِ وَقَتْلِهِمْ لِدَفْعِ صِيالِهِمْ.
وَحَدِيثُ: " «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ» " إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى رَفْعِ الْإِثْمِ لَا [يَدُلُّ] (¬5) عَلَى مَنْعِ الْحَدِّ (¬6) إِلَّا بِمُقَدِّمَةٍ أُخْرَى، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: مَنْ لَا قَلَمَ عَلَيْهِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ الْمُقَدِّمَةُ فِيهَا خَفَاءٌ؛ فَإِنَّ مَنْ لَا قَلَمَ عَلَيْهِ (¬7) قَدْ يُعَاقَبُ أَحْيَانًا، وَلَا يُعَاقَبُ أَحْيَانًا، وَالْفَصْلُ بَيْنَهُمَا يَحْتَاجُ إِلَى عِلْمٍ خَفِيٍّ، وَلَوِ اسْتَكْرَهَ الْمَجْنُونُ امْرَأَةً عَلَى نَفْسِهَا، وَلَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا بِقَتْلِهِ، فَلَهَا قَتْلُهُ، بَلْ عَلَيْهَا ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
¬_________
(¬1) ن: عَدَاوَتِهَا.
(¬2) ن: عَدَاوَتِهَا.
(¬3) ي: وَاتِّفَاقُ الْأَئِمَّةِ.
(¬4) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬5) يَدُلُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬6) ح، ب: رُفِعَ.
(¬7) سَاقِطٌ مِنْ (ح) .

الصفحة 46