كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 6)

فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يُمْكِنُهُ ذَلِكَ، فَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُمْكِنُهُ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ إِلَى نَقْلِ الْإِمَامِ.
وَإِنْ قِيلَ: لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ.
لَزِمَ أَنْ يَكُونَ دِينُ الْإِسْلَامِ لَا يَنْقُلُهُ إِلَّا وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ، وَالنَّقَلَةُ لَا يَكُونُونَ إِلَّا مِنْ أَقَارِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، الَّذِينَ يُمْكِنُ الْقَادِحَ فِي نُبُوَّتِهِ أَنْ يَقُولَ إِنَّهُمْ [يَقُولُونَ] عَلَيْهِ مَا يَشَاؤُونَ (¬1) ، وَيَصِيرُ (¬2) دِينُ الْمُسْلِمِينَ شَرًّا مِنْ دِينِ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ، الَّذِينَ يَدَّعُونَ أَنَّ أَئِمَّتَهُمْ يَخْتَصُّونَ بِعِلْمِهِ وَنَقْلِهِ.
الْوَجْهُ السَّادِسُ (¬3) : أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ يُنْقِصُ مِنْ قَدْرِ النُّبُوَّةِ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ الَّذِي يُدَّعَى الْعِصْمَةَ فِيهِ وَحُفِظَ مِنْ عَصَبَتِهِ (¬4) ، كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ التُّهَمِ الَّتِي تُوجِبُ الْقَدْحَ فِي نُبُوَّتِهِ. وَيُقَالُ: إِنْ كَانَ طَالِبَ مُلْكٍ أَقَامَهُ لِأَقَارِبِهِ (¬5) ، وَعَهِدَ إِلَيْهِمْ مَا يَحْفَظُونَ بِهِ الْمُلْكَ، وَأَنْ لَا يَعْرِفَ ذَلِكَ غَيْرُهُمْ، فَإِنَّ هَذَا بِأَمْرِ الْمُلْكِ أَشْبَهَ مِنْهُ بِأَمْرِ الْأَنْبِيَاءِ.
الْوَجْهُ السَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: الْحَاجَةُ ثَابِتَةٌ إِلَى مَعْصُومٍ فِي حِفْظِ الشَّرْعِ وَنَقْلِهِ، [وَحِينَئِذٍ] (¬6) فَلِمَاذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الصَّحَابَةُ الَّذِينَ حَفِظُوا الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ وَبَلَّغُوهُ هُمُ الْمَعْصُومِينَ (¬7) الَّذِينَ حَصَلَ بِهِمْ مَقْصُودُ حِفْظِ
¬_________
(¬1) ن، ب: أَنْ يَقُولُوا إِنَّهُمْ عَلَيْهِ مَا شَاءُوا.
(¬2) م: أَنْ يَصِيرَ.
(¬3) ن، م: الْخَامِسُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(¬4) ب: عِصْمَتِهِ.
(¬5) ن، ب: أَقَارِبُهُ لِأَقَارِبِهِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬6) وَحِينَئِذٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (ب) .
(¬7) ن، م: الْمَعْصُومُونَ.

الصفحة 460