كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 6)

فَإِنِ ادَّعَيْتَ الْأَوَّلَ، قِيلَ لَكَ: وَكَلَامُ الْإِمَامِ وَكُلُّ أَحَدٍ (¬1) بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ، فَإِنَّ الْأَمِيرَ إِذَا خَاطَبَ النَّاسَ (¬2) فَلَا بُدَّ أَنْ يُخَاطِبَهُمْ بِكَلَامٍ عَامٍّ يَعُمُّ الْأَعْيَانَ وَالْأَفْعَالَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ مِنَ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يُعَيِّنَ بِخِطَابِهِ كُلَّ فِعْلٍ مِنْ [كُلِّ] (¬3) فَاعِلٍ فِي كُلِّ وَقْتٍ، فَإِنَّ هَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ، فَإِذًا لَا يُمْكِنُهُ إِلَّا الْخِطَابُ الْعَامُّ الْكُلِّيُّ، وَالْخِطَابُ الْعَامُّ الْكُلِّيُّ مُمْكِنٌ مِنَ الرَّسُولِ.
وَإِنِ ادَّعَيْتَ أَنَّ نَفْسَ نُصُوصِ الرَّسُولِ لَيْسَتْ عَامَّةً كُلِّيَّةً.
قِيلَ لَكَ: هَذَا مَمْنُوعٌ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يُمْنَعَ هَذَا فِي نُصُوصِ الرَّسُولِ الَّذِي هُوَ أَكْمَلُ مِنَ الْإِمَامِ، فَمَنْعُ ذَلِكَ مِنْ نُصُوصِ الْإِمَامِ أَوْلَى وَأَحْرَى، فَأَنْتَ مُضْطَرٌّ فِي خِطَابِ الْإِمَامِ إِلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا ثُبُوتُ عُمُومِ الْأَلْفَاظِ، وَإِمَّا ثُبُوتُ عُمُومِ الْمَعَانِي بِالِاعْتِبَارِ. وَأَيُّهُمَا كَانَ أَمْكَنَ إِثْبَاتُهُ فِي خِطَابِ الرَّسُولِ، فَلَا يَحْتَاجُ فِي بَيَانِهِ (¬4) الْأَحْكَامَ إِلَى الْإِمَامِ.
الْوَجْهُ الْحَادِي عَشَرَ: أَنْ يُقَالَ: وَقَدْ (¬5) قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ: 4] وَقَالَ تَعَالَى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 165] وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [سُورَةُ النُّورِ: 54] وَأَمْثَالُ ذَلِكَ.
[فَيُقَالُ:] (¬6) وَهَلْ (¬7) قَامَتِ الْحُجَّةُ عَلَى الْخَلْقِ (¬8) بِبَيَانِ الرُّسُومِ أَمْ لَا؟
¬_________
(¬1) م: وَكَلَامُ كُلِّ أَحَدٍ.
(¬2) ن: فَإِنَّ الْأُمَرَاءَ إِذَا خَاطَبَ النَّاسَ، م: فَإِنَّ الْمُرَادَ إِحَاطَةُ النَّاسِ.
(¬3) كُلِّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(¬4) ن: ثَبَاتُهُ، ب: ثُبُوتُ.
(¬5) م، ب: قَدْ.
(¬6) فَيُقَالُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (ب) .
(¬7) ن، ب: هَلْ.
(¬8) ن، ب: الْحَقِّ.

الصفحة 463