كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 6)
اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى} [سُورَةُ يُونُسَ: 35] .
فَافْتَتَحَ الْآيَاتِ بِقَوْلِهِ: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} [سُورَةُ يُونُسَ: 31] إِلَى قَوْلِهِ: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ} [سُورَةُ يُونُسَ: 35] .
وَأَيْضًا فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُ: وِلَايَةُ الْأَفْضَلِ وَاجِبَةٌ، إِذَا لَمْ تَكُنْ [فِي] وِلَايَةِ (¬1) الْمَفْضُولِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ فِي وِلَايَةِ الْأَفْضَلِ مَفْسَدَةٌ.
وَهَذِهِ الْبُحُوثُ يَبْحَثُهَا مَنْ يَرَى عَلِيًّا أَفْضَلَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ [وَعُمَرَ] (¬2) ، كَالزَّيْدِيَّةِ وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ، أَوْ مَنْ يَتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ، كَطَائِفَةٍ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ.
وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى مَنْعِ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ، بَلِ الصِّدِّيقُ عِنْدَهُمْ أَفْضَلُ الْأُمَّةِ. لَكِنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ نُبَيِّنَ أَنَّ الرَّافِضَةَ، وَإِنْ قَالُوا حَقًّا، فَلَا يَقْدِرُونَ أَنْ يُدِلُّوا عَلَيْهِ بِدَلِيلٍ صَحِيحٍ، لِأَنَّهُمْ سَدُّوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ كَثِيرًا مِنْ طُرُقِ الْعِلْمِ، فَصَارُوا عَاجِزِينَ عَنْ بَيَانِ الْحَقِّ، حَتَّى أَنَّهُ [لَا] (¬3) يُمْكِنُهُمْ تَقْرِيرُ إِيمَانِ عَلِيٍّ عَلَى الْخَوَارِجِ، وَلَا تَقْرِيرُ إِمَامَتِهِ عَلَى الْمَرْوَانِيَّةِ.
وَمَنْ قَاتَلَهُ فَإِنَّ مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ قَدْ أَطْلَقَ (¬4) جِنْسَهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا يَلْزَمُ أَقْوَالَهُمُ الْبَاطِلَةَ (¬5) مِنَ التَّنَاقُضِ وَالْفَسَادِ، لِقُوَّةِ جَهْلِهِمْ، وَاتِّبَاعِهِمُ الْهَوَى (¬6) بِغَيْرِ عِلْمٍ (¬7) .
¬_________
(¬1) ن: إِذَا لَمْ يَكُنْ وِلَايَةُ.
(¬2) وَعُمَرَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (ب) .
(¬3) لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(¬4) ن، ب: قَدْ أَبْطَلُوا.
(¬5) ن، م: الْبَاطِنَةَ.
(¬6) ب: وَاتِّبَاعِهِمُ الْفَسَادَ وَالْهَوَى.
(¬7) ب: بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الصفحة 476