كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 6)

أُمِّرْتَ فَكَانَتْ إِمَارَتُكَ فَتْحًا، وَلَقَدْ مَلَأْتَ الْأَرْضَ عَدْلًا، وَمَا مِنْ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَا يَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَتُذْكَرُ عِنْدَهُمَا إِلَّا رَضِيَا بِقَوْلِكَ (¬1) وَقَنِعَا بِهِ. قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: أَجْلِسُونِي، فَلَمَّا جَلَسَ قَالَ عُمَرُ: أَعِدْ عَلَيَّ كَلَامَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ. قَالَ: نَعَمْ (¬2) ، فَأَعَادَهُ. فَقَالَ عُمَرُ: أَتَشْهَدُ لِي بِهَذَا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَا أَشْهَدُ لَكَ بِهَذَا عِنْدَ اللَّهِ، وَهَذَا عَلِيٌّ يَشْهَدُ لَكَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ جَالِسٌ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (¬3) .
وَهَؤُلَاءِ أَهْلُ الْعِلْمِ الَّذِينَ يَبْحَثُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَنِ الْعِلْمِ، وَلَيْسَ لَهُمْ غَرَضٌ مَعَ أَحَدٍ، بَلْ يُرَجِّحُونَ قَوْلَ هَذَا الصَّاحِبِ (¬4) تَارَةً، وَقَوْلَ هَذَا الصَّاحِبِ (¬5) تَارَةً، بِحَسَبِ مَا يَرَوْنَهُ مِنْ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ، كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَفُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ، مِثْلَ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ.
¬_________
(¬1) ر: إِلَّا رَضِيَا بِذَلِكَ.
(¬2) عِبَارَةُ (قَالَ: نَعَمْ) فِي (ن) ، (م) فَقَطْ.
(¬3) رَوَى هَذَا الْخَبَرَ بِأَلْفَاظٍ مُقَارِبَةٍ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ " ص 193، وَنَقَلَهُ عَنْهُ عَلِيٌّ وَنَاجِي الطَّنْطَاوِيُّ فِي " أَخْبَارِ عُمَرَ " ص 528
(¬4) ح، ب: الصَّحَابِيِّ.
(¬5) ب، ن، م: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَانْظُرْ تَرْجَمَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 7/23 - 24.

الصفحة 52