كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 6)

وَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي مَسَائِلِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ، قَوْلُهُمْ فِيهَا هُوَ الصَّوَابُ، دُونَ قَوْلِ مَنْ خَالَفَهُمْ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا بَابٌ يَطُولُ وَصْفُهُ، فَالصَّحَابَةُ أَعْلَمُ الْأُمَّةِ وَأَفْقَهُهَا وَأَدْيَنُهَا، وَلِهَذَا أَحْسَنَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْلِهِ: " هُمْ فَوْقَنَا فِي كُلِّ عِلْمٍ [وَفِقْهٍ] (¬1) وَدِينٍ وَهُدًى، وَفِي كُلِّ سَبَبٍ يُنَالُ بِهِ عِلْمٌ وَهُدًى، وَرَأْيُهُمْ لَنَا خَيْرٌ مِنْ رَأْيِنَا لِأَنْفُسِنَا " أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: " أُصُولُ السُّنَّةِ عِنْدَنَا التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ".
وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ قَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ (¬2) ، [فَإِنَّ الْحَيَّ لَا تُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ] (¬3) أُولَئِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ كَانُوا أَفْضَلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ: أَبَرَّهَا قُلُوبًا، وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا، وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا، قَوْمٌ اخْتَارَهُمُ اللَّهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ وَإِقَامَةِ دِينِهِ، فَاعْرِفُوا لَهُمْ فَضْلَهُمْ، وَاتَّبِعُوهُمْ فِي آثَارِهِمْ، وَتَمَسَّكُوا بِمَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ وَدِينِهِمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ ".
وَقَالَ حُذَيْفَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ اسْتَقِيمُوا وَخُذُوا طَرِيقَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَوَاللَّهِ لَئِنِ اسْتَقَمْتُمْ لَقَدْ سَبَقْتُمْ سَبْقًا بَعِيدًا، وَإِنْ أَخَذْتُمْ يَمِينًا وَشِمَالًا لَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ".
¬_________
(¬1) وَفِقْهٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬2) ح: بِمَنْ كَانَ قَدْ مَاتَ.
(¬3) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

الصفحة 81