كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 6)
وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُوَافِقُ عَلَى ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " كَانَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرَ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ أَنْ لَا يُبَعْنَ، ثُمَّ قَدْ رَأَيْتُ أَنْ يُبَعْنَ " فَقَالَ لَهُ قَاضِيهِ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ: " رَأْيُكُ مَعَ عُمَرَ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ رَأْيِكَ وَحْدَكَ فِي الْفُرْقَةِ " فَعَلِيٌّ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا قَضَى بِهِ فِي عِتْقِهِنَّ وَمَنْعِ بَيْعِهِنَّ هُوَ وَعُمَرُ لَمْ يَكُنْ يَنْقُضُهُ، وَإِنَّمَا كَانَ يَرَى أَنْ يَسْتَأْنِفَ فِيمَا بَعْدُ أَنْ يَجُوزَ بَيْعُهُنَّ.
وَالْمَسَائِلُ الَّتِي لِعَلِيٍّ فِيهَا قَوْلَانِ وَأَكْثَرُ كَثِيرَةً، وَنَفْسُ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ قَدْ نُقِلَ عَنْهُ فِيهَا اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ.
وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرْسَلَ إِلَيْهِ بَعْضَ نُوَّابِهِ يَسْأَلُهُ عَنْ قَضِيَّةٍ فِي ذَلِكَ يَأْمُرُهُ فِيهَا بِاجْتِهَادِهِ وَيَقُولُ: قَطِّعِ الْكِتَابَ؛ فَإِنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَأَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَتَكَلَّمُ فِيهَا بِالِاجْتِهَادِ لِلضَّرُورَةِ، وَهُوَ مُضْطَرٌّ إِلَى الِاجْتِهَادِ فِي هَذِهِ الْمُعَيَّنَةِ، وَكَرِهَ أَنْ يُقَلِّدَهُ غَيْرُهُ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ مِنْهُ، فَأَمَرَهُ بِتَقْطِيعِ الْكِتَابِ لِذَلِكَ.
بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ مَعَهُ فِيهَا نَصٌّ، فَإِنَّهُ كَانَ يُبَلِّغُهُ، وَيَأْمُرُهُ بِتَبْلِيغِهِ، وَلَا يَأْمُرُ بِقَطْعِ كِتَابِهِ.
وَالْعُلَمَاءُ مُخْتَلِفُونَ فِي بَيْعِ الْكُتُبِ الَّتِي فِيهَا الْعِلْمُ بِالرَّأْيِ، هَلْ يَجُوزُ [بَيْعُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ فِيهِ؟] (¬1) عَلَى قَوْلَيْنِ.
¬_________
(¬1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ح) ، (ر) ، (ي) فَقَطْ.
الصفحة 99
492