كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 7)

الْوَاقِعِ. وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا، لَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ الشِّيعَةِ ; فَإِنَّهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّ (¬1) الْأُمَّةَ كُلَّهَا خَذَلَتْهُ إِلَى قَتْلِ عُثْمَانَ.
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْأُمَّةَ كَانَتْ مَنْصُورَةً فِي أَعْصَارِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ، نَصْرًا لَمْ يَحْصُلْ لَهَا بَعْدَهُ مِثْلُهُ. ثُمَّ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ، وَصَارَ النَّاسُ ثَلَاثَةَ أَحْزَابٍ: حِزْبٌ نَصَرَهُ وَقَاتَلَ مَعَهُ، وَحِزْبٌ قَاتَلُوهُ، وَحِزْبٌ خَذَلُوهُ لَمْ يُقَاتَلُوا لَا مَعَ هَؤُلَاءِ وَلَا مَعَ هَؤُلَاءِ - لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَهُ مَنْصُورِينَ عَلَى الْحِزْبَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَلَا عَلَى الْكُفَّارِ، بَلْ أُولَئِكَ (¬2) الَّذِينَ نُصِرُوا عَلَيْهِمْ، وَصَارَ الْأَمْرُ لَهُمْ ; لَمَّا تَوَلَّى مُعَاوِيَةُ، فَانْتَصَرُوا (¬3) عَلَى الْكُفَّارِ، وَفَتَحُوا الْبِلَادَ، إِنَّمَا (¬4) كَانَ عَلِيٌّ مَنْصُورًا كَنَصْرِ أَمْثَالِهِ فِي قِتَالِ الْخَوَارِجِ وَالْكُفَّارِ (¬5) .
وَالصَّحَابَةُ الَّذِينَ قَاتَلُوا الْكُفَّارَ وَالْمُرْتَدِّينَ كَانُوا مَنْصُورِينَ نَصْرًا عَظِيمًا، فَالنَّصْرُ (¬6) وَقَعَ كَمَا وَعَدَ اللَّهُ بِهِ حَيْثُ قَالَ: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [سُورَةُ غَافِرٍ: 51] .
فَالْقِتَالُ الَّذِي كَانَ بِأَمْرِ اللَّهِ وَأَمْرِ رَسُولِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلْكُفَّارِ وَالْمُرْتَدِّينَ وَالْخَوَارِجِ، كَانُوا فِيهِ مَنْصُورِينَ [نَصْرًا عَظِيمًا] (¬7) إِذَا اتَّقَوْا وَصَبَرُوا، فَإِنَّ التَّقْوَى وَالصَّبْرَ مِنْ تَحْقِيقِ (¬8) الْإِيمَانِ الَّذِي عُلِّقَ بِهِ النَّصْرُ.
¬_________
(¬1) أَنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .
(¬2) م: يَلْزَمُ أُولَئِكَ.
(¬3) فَانْتَصَرُوا: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .
(¬4) ن، س، ب: وَإِنَّمَا.
(¬5) ن، م: الْكُفَّارِ وَالْخَوَارِجِ.
(¬6) ن، س، ب: وَالنَّصْرُ.
(¬7) نَصْرًا عَظِيمًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) .
(¬8) م: هُوَ تَحْقِيقُ.

الصفحة 21