كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 7)
بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ خَطِيبِ (¬1) خَوَارَزْمَ، فَإِنَّ فِي رِوَايَتِهِ مِنَ الْأَكَاذِيبِ الْمُخْتَلِفَةِ مَا هُوَ مِنْ أَقْبَحِ الْمَوْضُوعَاتِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الَّتِي رَوَاهَا ابْنُ خَالَوَيْهِ كَذِبٌ مَوْضُوعَةٌ (¬2) عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، يَعْلَمُونَ عِلْمًا ضَرُورِيًّا يَجْزِمُونَ بِهِ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذِهِ لَيْسَتْ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الَّتِي يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا عُلَمَاءُ الْحَدِيثِ لَا الصِّحَاحِ، وَلَا الْمَسَانِدِ (¬3) ، وَلَا السُّنَنِ، وَلَا الْمُعْجَمَاتِ، وَلَا نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْكُتُبِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ مَنْ تَدَبَّرَ أَلْفَاظَهَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهَا مُفْتَرَاةٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَ قَوْلِهِ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِقَصَبَةِ الْيَاقُوتِ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهَا كُونِي فَكَانَتْ» . فَهَذِهِ مِنْ خُرَافَاتِ الْحَدِيثِ، وَكَأَنَّهُمْ لَمَّا سَمِعُوا أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: كُنْ، فَكَانَ (¬4) ، قَاسُوا هَذِهِ الْيَاقُوتَةَ عَلَى خَلْقِ آدَمَ، وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: كُنْ فَكَانَ فَصَارَ حَيًّا بِنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ فَأَمَّا هَذَا الْقَصَبُ (¬5) فَبِنَفْسِ خُلُقِهِ كَمُلَ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدَ هَذَا حَالٌ يُقَالُ لَهُ فِيهَا: كُنْ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ بِيَدِهِ يَاقُوتَةً، بَلْ قَدْ رُوِيَ فِي عِدَّةِ آثَارٍ: أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ بِيَدِهِ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ: آدَمَ، وَالْقَلَمَ، وَجَنَّةَ عَدْنٍ،
¬_________
(¬1) ب: أَخْطَبِ
(¬2) م: مَوْضُوعٌ
(¬3) م: وَلَا الْمَسَانِيدِ
(¬4) ن، س، ب: فَيَكُونُ
(¬5) م: فَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْقَصَبُ
الصفحة 401