كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 7)

وَأَيْضًا فَالْمَذْهَبُ: إِنْ كُنْتَ عَرَفْتَ صِحَّتَهُ بِدُونِ هَذَا الطَّرِيقِ، لَمْ يَلْزَمْ صِحَّةَ هَذَا الطَّرِيقِ. فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَكْذِبُ عَلَى غَيْرِهِ قَوْلًا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْقَوْلُ حَقًّا، فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (¬1) قَوْلًا هُوَ حَقٌّ فِي نَفْسِهِ، لَكِنْ لَمْ يَقُلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (¬2) - فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ صِدْقًا فِي نَفْسِهِ (¬3) أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهُ، وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا عَرَفْتَ صِحَّتَهُ بِهَذَا الطَّرِيقِ، امْتَنَعَ أَنْ تَعْرِفَ صِحَّةَ الطَّرِيقِ بِصِحَّتِهِ ; لِإِفْضَائِهِ إِلَى الدَّوْرِ.
فَثَبَتَ أَنَّهُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا يُعْلَمُ صِحَّةُ هَذَا الْحَدِيثِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْمَذْهَبِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَذْهَبُ مَعْلُومَ الصِّحَّةِ، أَوْ غَيْرَ مَعْلُومِ الصِّحَّةِ.
وَأَيْضًا (¬4) فَكُلُّ مَنْ لَهُ أَدْنَى عِلْمٍ وَإِنْصَافٍ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَنْقُولَاتِ فِيهَا صِدْقٌ وَكَذِبٌ (¬5) ، وَأَنَّ النَّاسَ كَذَبُوا فِي الْمَثَالِبِ وَالْمَنَاقِبِ، كَمَا كَذَبُوا فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَكَذَبُوا فِيمَا يُوَافِقُهُ وَيُخَالِفُهُ.
وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ كَذَبُوا فِي كَثِيرٍ مِمَّا رَوَوْهُ (¬6) فِي فَضَائِلِ أَبَى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، كَمَا كَذَبُوا فِي كَثِيرٍ مِمَّا رَوَوْهُ (¬7) فِي فَضَائِلِ عَلِيٍّ، وَلَيْسَ فِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ أَكْثَرُ كَذِبًا مِنَ الرَّافِضَةِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، فَإِنَّ الْخَوَارِجَ (¬8) لَا يَكَادُونَ يَكْذِبُونَ، بَلْ هُمْ مِنْ أَصْدَقِ النَّاسِ مَعَ بِدْعَتِهِمْ وَضَلَالِهِمْ.
¬_________
(¬1) سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(¬2) سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(¬3) م: مِنْ كَوْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَادِقًا فِي نَفْسِهِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬4) وَأَيْضًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(¬5) ن، م: كَذِبٌ وَصِدْقٌ.
(¬6) س، ب: مِمَّا يَرْوُونَهُ.
(¬7) س: يَرْوُوهُ، ب: يَرْوُونَهُ.
(¬8) س، ب: فَإِنَّ مِنَ الْخَوَارِجِ.

الصفحة 41