كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 7)
[طُرُقٌ يُمْكِنُ سُلُوكُهَا لِمَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْأَخْبَارِ]
فَصْلٌ
وَهُنَا طُرُقٌ (¬1) يُمْكِنُ سُلُوكُهَا لِمَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْأَخْبَارِ مِنَ الْخَاصَّةِ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخَاصَّةِ - فَضْلًا عَنِ الْعَامَّةِ - يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ فِي أَكْثَرِ مَا يُرْوَى مِنَ الْأَخْبَارِ فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَعْرِفُ ذَلِكَ عُلَمَاءُ الْحَدِيثِ (¬2) ، وَلِهَذَا عَدَلَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالنَّظَرِ عَنْ مَعْرِفَةِ الْأَخْبَارِ بِالْإِسْنَادِ وَأَحْوَالِ الرِّجَالِ لِعَجْزِهِمْ عَنْهَا، وَسَلَكُوا طَرِيقًا آخَرَ.
وَلَكِنَّ تِلْكَ الطَّرِيقَ هِيَ طَرِيقَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، الْعَالِمِينَ بِمَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ، وَلَكِنْ نَحْنُ نَذْكُرُ طَرِيقًا آخَرَ، فَنَقُولُ: نُقَدِّرُ أَنَّ الْأَخْبَارَ الْمُتَنَازَعَ فِيهَا لَمْ تُوجَدْ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهَا الصَّحِيحُ، وَنَتْرُكُ الِاسْتِدْلَالَ بِهَا فِي الطَّرَفَيْنِ، وَنَرْجِعُ إِلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ التَّوَاتُرِ، وَمَا يُعْلَمُ مِنَ الْعُقُولِ (¬3) وَالْعَادَاتِ، وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا.
فَنَقُولُ: مِنَ الْمَعْلُومِ الْمُتَوَاتِرِ عِنْدَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْمَنْقُولَاتِ، وَالسِّيَرِ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَطْلُبِ الْخِلَافَةَ لَا بِرَغْبَةٍ وَلَا بِرَهْبَةٍ، لَا بَذَلَ فِيهَا مَا يُرَغِّبُ (¬4) النَّاسَ بِهِ، وَلَا شَهَرَ
¬_________
(¬1) س، ب: طَرِيقٌ
(¬2) ن، م: عُلَمَاءُ أَهْلِ الْحَدِيثِ
(¬3) ن، م: بِالْعُقُولِ
(¬4) ن، م: مَا لَا يُرَغِّبُ، وَهُوَ خَطَأٌ
الصفحة 449