كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 7)
خَوْفِهِمْ مِنَ اللَّهِ وَمِنْهُ، وَمِنْ ضَعْفِهِ هُوَ، وَمَا حَصَلَ مِنْ أَقَارِبِهِ فِي الْوِلَايَةِ وَالْمَالِ - مَا أَوْجَبَ الْفِتْنَةَ حَتَّى قُتِلَ مَظْلُومًا شَهِيدًا.
وَتَوَلَّى (¬1) عَلِيٌّ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ، وَالْفِتْنَةُ قَائِمَةٌ، وَهُوَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْهُمْ مُتَلَطِّخٌ (¬2) بِدَمِ عُثْمَانَ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ بَرَاءَتَهُ مِمَّا نَسَبَهُ إِلَيْهِ (¬3) الْكَاذِبُونَ عَلَيْهِ الْمُبْغِضُونَ لَهُ، كَمَا نَعْلَمُ بَرَاءَتَهُ مِمَّا نَسَبَهُ إِلَيْهِ (¬4) الْغَالُونَ فِيهِ الْمُبْغِضُونَ لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَإِنَّ عَلِيًّا لَمْ يُعِنْ عَلَى (¬5) قَتْلِ عُثْمَانَ وَلَا رَضِيَ بِهِ، كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ - وَهُوَ الصَّادِقُ - أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ، فَلَمْ تَصْفُ لَهُ قُلُوبُ كَثِيرٍ مِنْهُمْ، وَلَا أَمْكَنَهُ هُوَ قَهْرُهُمْ حَتَّى يُطِيعُوهُ، وَلَا اقْتَضَى رَأْيُهُ أَنْ يَكُفَّ عَنِ الْقِتَالِ حَتَّى يَنْظُرَ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ الْأَمْرُ، بَلِ اقْتَضَى رَأْيُهُ الْقِتَالَ، وَظَنَّ أَنَّهُ بِهِ تَحْصُلُ الطَّاعَةُ وَالْجَمَاعَةُ، فَمَا زَادَ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً، وَجَانِبُهُ إِلَّا ضَعْفًا، وَجَانِبُ مَنْ حَارَبَهُ إِلَّا قُوَّةً، وَالْأُمَّةُ إِلَّا افْتِرَاقًا، حَتَّى كَانَ فِي آخِرِ أَمْرِهِ يَطْلُبُ هُوَ (¬6) أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ مَنْ قَاتَلَهُ، كَمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ يُطْلَبُ مِنْهُ الْكَفُّ.
وَضَعُفَتْ خِلَافَةُ (النُّبُوَّةِ) (¬7) ضَعْفًا أَوْجَبَ أَنْ تَصِيرَ مُلْكًا، فَأَقَامَهَا مُعَاوِيَةُ مُلْكًا بِرَحْمَةٍ وَحِلْمٍ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَأْثُورِ (¬8) : " «تَكُونُ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ
¬_________
(¬1) ن، م: فَتَوَلَّى
(¬2) س، ب: مُلَطَّخٌ
(¬3) : سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب)
(¬4) : سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب)
(¬5) م: لَمْ يُحَرِّضْ عَلَى
(¬6) م: هُوَ يَطْلُبُ
(¬7) ن، س، ب: وَضَعُفَتِ الْخِلَافَةُ
(¬8) الْمَأْثُورِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م)
الصفحة 452