كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 7)
وَاللَّهِ - مَعَ تَقْرِيبِهِ لَنَا، وَقُرْبِهِ مِنَّا لَا نُكَلِّمُهُ (¬1) هَيْبَةً لَهُ، يُعَظِّمُ أَهْلَ الدِّينِ، وَيُقَرِّبُ الْمَسَاكِينَ، لَا يَطْمَعُ الْقَوِيُّ فِي بَاطِلِهِ، وَلَا يَيْئَسُ الضَّعِيفُ مِنْ عَدْلِهِ، فَأَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ: يَا دُنْيَا (¬2) غُرِّي غَيْرِي. أَلِي تَعَرَّضْتِ؟ أَمْ إِلَيَّ تَشَوَّفْتِ (¬3) ؟ هَيْهَاتَ! قَدْ بِنْتُكِ (¬4) ثَلَاثًا، لَا رَجْعَةَ فِيكِ (¬5) ، عُمْرُكِ قَصِيرٌ (¬6) ، وَخَطَرُكِ (¬7) كَثِيرٌ، وَعَيْشُكِ حَقِيرٌ. آهٍ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ، وَبُعْدِ السَّفَرِ، وَوَحْشَةِ الطَّرِيقِ! فَبَكَى مُعَاوِيَةُ، وَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا الْحَسَنِ كَانَ (¬8) وَاللَّهِ كَذَلِكَ، فَمَا حُزْنُكَ (¬9) عَلَيْهِ يَا ضِرَارُ؟ قَالَ: حُزْنُ مَنْ ذُبِحَ وَلَدُهَا فِي حِجْرِهَا، فَلَا تَرْقَأُ عَبْرَتُهَا وَلَا يَسْكُنُ حُزْنُهَا ".
وَالْجَوَابُ: أَمَّا زُهْدُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمَالِ فَلَا رَيْبَ فِيهِ، لَكِنَّ الشَّأْنَ أَنَّهُ كَانَ أَزْهَدَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ (وَعُمَرَ) (¬10) ، وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ مَا يَدُلُّ عَلَى
¬_________
(¬1) (ص 176 م) : لَا نَكَادُ نُكَلِّمُهُ. .
(¬2) ك: لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ مَوَاقِفِهِ، وَقَدْ أَرْخَى اللَّيْلُ سُدُولَهُ، وَغَارَبَ نُجُومَهُ، قَابِضًا عَلَى لِحْيَتِهِ، يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ، وَيَبْكِي بُكَاءَ الْحَزِينِ، وَيَقُولُ: يَا دُنْيَا. .
(¬3) ن، س، ب: تَشَوَّقْتِ: وَالْمُثْبَتُ مِنْ (م) ، (ك) ، وَتَشَوَّفَتِ الْجَارِيَةُ: أَيْ تَزَيَّنَتْ
(¬4) ك: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ، غُرِّي غَيْرِي، قَدْ أَبَنْتُكِ. . . وَالْبَتُّ: الْقَطْعُ
(¬5) ك: فِيهَا ; ب: لِي فِيكِ
(¬6) ك: فَعُمْرُكِ قَصِيرٌ
(¬7) ن، س، ب: وَبَطَرُكِ
(¬8) ن، س، ب: فَكَانَ ; ك: قَدْ كَانَ
(¬9) ك:. . كَذَلِكَ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: كَيْفَ كَانَ حُبُّكَ لَهُ؟ قَالَ: كَحُبِّ أُمِّ مُوسَى لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ: فَمَا حُزْنُكَ. . .
(¬10) وَعُمَرَ: زِيَادَةٌ فِي (م
الصفحة 489