كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 7)

لَا يَخْفَى إِلَّا عَلَى مَنْ أَعْمَى اللَّهُ قَلْبَهُ، وَأَنَّ الْبَرَاهِينَ الدَّالَّةَ عَلَى نُبُوَّةِ الرَّسُولِ حَقٌّ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ، وَأَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ حَقٌّ - تُنَاقِضُ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْبَرَاهِينِ، فَإِنَّ غَايَةَ مَا يَدَّعِيهِ مِنَ الْبَرَاهِينِ إِذَا تَأَمَّلَهُ اللَّبِيبُ، وَتَأَمَّلَ لَوَازِمَهُ وَجَدَهُ يَقْدَحُ فِي الْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ وَالرَّسُولِ.
وَهَذَا لِأَنَّ أَصْلَ الرَّفْضِ (¬1) كَانَ مِنْ وَضْعِ قَوْمٍ زَنَادِقَةٍ مُنَافِقِينَ، مَقْصُودُهُمُ الطَّعْنُ فِي الْقُرْآنِ وَالرَّسُولِ وَدِينِ الْإِسْلَامِ، فَوَضَعُوا مِنَ الْأَحَادِيثِ مَا يَكُونُ التَّصْدِيقُ بِهِ طَعْنًا فِي دِينِ الْإِسْلَامِ، وَرَوَّجُوهَا (¬2) عَلَى أَقْوَامٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ صَاحِبَ هَوًى وَجَهْلٍ، فَقَبِلَهَا لِهَوَاهُ، وَلَمْ يَنْظُرْ فِي حَقِيقَتِهَا. وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ لَهُ نَظَرٌ فَتَدَبَّرَهَا، فَوَجَدَهَا تَقْدَحُ فِي [حَقِّ] (¬3) الْإِسْلَامِ، فَقَالَ بِمُوجِبِهَا، وَقَدَحَ بِهَا فِي دِينِ الْإِسْلَامِ (¬4) ، إِمَّا لِفَسَادِ اعْتِقَادِهِ فِي الدِّينِ، وَإِمَّا لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ هَذِهِ صَحِيحَةً وَقَدَحَتْ فِيمَا كَانَ يَعْتَقِدُهُ مِنْ دِينِ (¬5) الْإِسْلَامِ.
وَلِهَذَا دَخَلَتْ عَامَّةُ الزَّنَادِقَةِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، فَإِنَّ مَا تَنْقُلُهُ الرَّافِضَةُ مِنَ الْأَكَاذِيبِ تَسَلَّطُوا بِهِ عَلَى الطَّعْنِ فِي الْإِسْلَامِ، وَصَارَتْ شُبَهًا عِنْدَ مَنْ لَمْ [يَعْلَمْ] أَنَّهُ كَذِبٌ (¬6) ، وَكَانَ عِنْدَهُ (¬7) خِبْرَةٌ بِحَقِيقَةِ الْإِسْلَامِ.
وَضَلَّتْ طَوَائِفُ كَثِيرَةٌ مِنَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ وَالنُّصَيْرِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الزَّنَادِقَةِ
¬_________
(¬1) س، ب: الرَّافِضِيِّ.
(¬2) س، ب: وَرَدُّوا بِهَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬3) حَقِّ: زِيَادَةٌ فِي (م) .
(¬4) م: فِي الْإِسْلَامِ.
(¬5) ن: دُونَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬6) ن، س: عِنْدَ مَنْ لَمْ أَنَّهُ كَذِبٌ، ب: عِنْدَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ كَذِبٌ.
(¬7) ن، م: لَهُ.

الصفحة 9