كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 8)
وَأَيْضًا: فَفِي هَذِهِ الْغَزَاةِ أَنَّ الْكُفَّارَ نَصَحُوا الْمُسْلِمِينَ، وَقَالُوا لِأَبِي بَكْرٍ: ارْجِعْ إِلَى صَاحِبِكَ ; فَإِنَّا فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا خِلَافُ عَادَةِ الْكُفَّارِ الْمُحَارِبِينَ.
وَأَيْضًا فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ لَمْ يَنْهَزِمَا قَطُّ، وَمَا يَنْقُلُهُ بَعْضُ الْكَذَّابِينَ مِنَ انْهِزَامِهِمَا يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَهُوَ مِنَ الْكَذِبِ الْمُفْتَرَى.
فَلَمْ يَقْصِدْ أَحَدٌ الْمَدِينَةَ إِلَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأُحُدٍ، وَلَمْ يَقْرُبْ أَحَدٌ مِنَ الْعَدُوِّ الْمَدِينَةَ لِلْقِتَالِ إِلَّا فِي هَاتَيْنِ الْغَزَاتَيْنِ (¬1) . .
وَفِي غَزْوَةِ الْغَابَةِ أَغَارَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى سَرْحِ (¬2) . الْمَدِينَةِ.
وَأَمَّا مَا ذُكِرَ فِي غَزْوَةِ السِّلْسِلَةِ، فَهُوَ مِنَ الْكَذِبِ الظَّاهِرِ الَّذِي لَا يَذْكُرُهُ إِلَّا مَنْ هُوَ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ وَأَكْذَبِهِمْ.
وَأَمَّا غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فَتِلْكَ سَرِيَّةٌ بَعَثَ فِيهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَمِيرًا فِيهَا ; لِأَنَّ الْمَقْصُودِينَ كَانُوا بَنِي عُذْرَةَ (¬3) .، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَرَابَةٌ ; فَأَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يُسْلِمُونَ، ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَلَيْسَ لِعَلِيٍّ فِيهَا ذِكْرٌ، وَكَانَتْ قَرِيبًا مِنَ الشَّامِ بَعِيدَةً مِنَ الْمَدِينَةِ، وَفِيهَا احْتَلَمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ، فَلَمَّا أَخْبَرُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
¬_________
(¬1) م: الْحَرْبَتَيْنِ
(¬2) ن، م: سَرَاحِ
(¬3) م: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ كَانَ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ، ب: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا كَانُوا بَنِي عُذْرَةَ
الصفحة 118