كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 8)

أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحَقِّقًا مِثْلَنَا فَلَا بُدَّ أَنْ يَلْتَزِمَ (¬1) الْجَمْعَ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، وَأَنَّ الْجِسْمَ الْوَاحِدَ يَكُونُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعَيْنِ.
وَهَؤُلَاءِ الْأَصْنَافُ قَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَيْهِمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَكْثُرُونَ فِي الدُّوَلِ الْجَاهِلِيَّةِ (¬2) ، وَعَامَّتُهُمْ تَمِيلُ إِلَى التَّشَيُّعِ، كَمَا عَلَيْهِ ابْنُ عَرَبِيٍّ، وَابْنُ سَبْعِينَ وَأَمْثَالُهُمَا ; فَاحْتَاجَ النَّاسُ إِلَى كَشْفِ حَقَائِقِ هَؤُلَاءِ، وَبَيَانِ أُمُورِهِمْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ ; فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَدَّعُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ أَفْضَلُ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَأَنَّ النَّاسَ لَا يَفْهَمُونَ حَقِيقَةَ إِشَارَاتِهِمْ، فَلَمَّا يَسَّرَ اللَّهُ أَنِّي بَيَّنْتُ لَهُمْ حَقَائِقَهُمْ، وَكَتَبْتُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ مَا عَلِمُوا بِهِ أَنَّ هَذَا هُوَ تَحْقِيقُ قَوْلِهِمْ، وَتَبَيَّنَ لَهُمْ بُطْلَانُهُ بِالْعَقْلِ الصَّرِيحِ وَالنَّقْلِ الصَّحِيحِ وَالْكَشْفِ الْمُطَابِقِ، رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ مِنْ عُلَمَائِهِمْ (¬3) وَفُضَلَائِهِمْ مَنْ رَجَعَ، وَأَخَذَ هَؤُلَاءِ يُثْبِتُونَ لِلنَّاسِ تَنَاقُضَهُمْ، وَيَرُدُّونَهُمْ إِلَى الْحَقِّ (¬4) .
وَكَانَ مِنْ أُصُولِ ضَلَالِهِمْ (¬5) ظَنُّهُمْ أَنَّ الْوُجُودَ الْمُطْلَقَ يُوجَدُ فِي الْخَارِجِ، إِمَّا: مُطْلَقٌ لَا بِشَرْطٍ (¬6) ، (* وَإِمَّا مُطْلَقٌ بِشَرْطٍ، فَالْمُطْلَقُ لَا
¬_________
(¬1) م: يَلْزَمَ.
(¬2) ب: الْجَاهِلَةِ.
(¬3) م: أَعْيَانِهِمْ، ن: عَيَايِهِمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬4) ن، س: وَبُرُودَتَهُمْ مِنَ الْحَقِّ، ب: وَبَرَاءَتَهُمْ مِنَ الْحَقِّ: م وَيَرُدُّونَهُمْ مِنَ الْحَقِّ. وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ.
(¬5) م: إِضْلَالِهِمْ.
(¬6) ن، س، ب: إِمَّا مَعْلُولًا بِشَرْطٍ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (م) .

الصفحة 26