كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 8)

وَالْإِمَامُ وَالشَّيْخُ وَنَحْوُهُمَا عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَبِمَنْزِلَةِ دَلِيلِ الْحَاجِّ ; فَالْإِمَامُ يَقْتَدِي بِهِ الْمَأْمُومُونَ فَيُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، لَا يُصَلِّي عَنْهُمْ (¬1) ، وَهُوَ يُصَلِّي بِهِمُ الصَّلَاةَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِهَا، فَإِنْ عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا لَمْ يَتَّبِعُوهُ.
وَدَلِيلُ الْحَاجِّ يَدُلُّ الْوَفْدَ عَلَى طَرِيقِ الْبَيْتِ لِيَسْلُكُوهُ وَيَحُجُّوهُ بِأَنْفُسِهِمْ، فَالدَّلِيلُ لَا يَحُجُّ عَنْهُمْ، وَإِنْ أَخْطَأَ الدِّلَالَةَ لَمْ يَتَّبِعُوهُ، وَإِذَا اخْتَلَفَ دَلِيلَانِ وَإِمَامَانِ نُظِرَ أَيُّهُمَا كَانَ الْحَقُّ مَعَهُ اتُّبِعَ. فَالْفَاصِلُ بَيْنَهُمُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ.
قَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} الْآيَةَ [سُورَةُ النِّسَاءِ: 59] .
وَكُلٌّ مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ سَكَنُوا الْأَمْصَارَ أَخَذَ عَنْهُ النَّاسُ الْإِيمَانَ وَالدِّينَ.
وَأَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ بِالْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَمْ يَأْخُذُوا عَنْ عَلِيٍّ شَيْئًا ; فَإِنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ سَاكِنًا بِالْمَدِينَةِ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ لَمْ يَكُونُوا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ إِلَّا كَمَا يَحْتَاجُونَ إِلَى نُظَرَائِهِ، كَعُثْمَانَ، فِي مِثْلِ قِصَّةٍ شَاوَرَهُمْ (¬2) فِيهَا عُمَرُ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَلَمَّا ذَهَبَ إِلَى الْكُوفَةِ، كَانَ أَهْلُ الْكُوفَةِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ قَدْ أَخَذُوا الدِّينَ
¬_________
(¬1) ن، س، ب: فَيُصَلُّونَ فَصَلَاتُهُ لَا تُصَلَّى عَنْهُمْ. .
(¬2) ن، س: قِصَّةٍ يُشَاوِرُهُمْ، ب: قَضِيَّةٍ يُشَاوِرُهُمْ.

الصفحة 49