كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 8)

[فصل قول كلام الرافضي لو أنفق أبو بكر لوجب أن ينزل فيه قرآن مثل علي رضي الله عنهما والرد عليه]
فَصْلٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ (¬1) : " ثُمَّ لَوْ أَنْفَقَ لَوَجَبَ أَنْ يَنْزِلَ فِيهِ قُرْآنٌ، كَمَا أُنْزِلَ (¬2) فِي عَلِيٍّ {هَلْ أَتَى} [سُورَةُ الْإِنْسَانِ: 1] (¬3) .
وَالْجَوَابُ: أَمَّا نُزُولُ: {هَلْ أَتَى} فِي عَلِيٍّ فَمِمَّا اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ، وَإِنَّمَا يُذْكُرُهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِذِكْرِ أَشْيَاءَ مِنَ الْمَوْضُوعَاتِ، وَالدَّلِيلُ الظَّاهِرُ عَلَى أَنَّهُ كَذِبٌ أَنَّ سُورَةَ {هَلْ أَتَى} مَكِّيَّةٌ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ، نَزَلَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَقَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلِيٌّ بِفَاطِمَةَ، وَيُوَلَدَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْقَضِيَّةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَلَمْ يَنْزِلْ قَطُّ قُرْآنٌ فِي إِنْفَاقِ عَلِيٍّ بِخُصُوصِهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، بَلْ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ فِي عِيَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَعْدَ الْهِجْرَةِ كَانَ أَحْيَانًا يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ: كُلُّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، وَلَمَّا تَزَوَّجَ بِفَاطِمَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَهْرٌ (¬4) إِلَّا دِرْعَهُ، وَإِنَّمَا أَنْفَقَ عَلَى الْعُرْسِ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ.
¬_________
(¬1) فِي " ك " ص 201 (م) . وَسَبَقَ فِي هَذَا الْجُزْءِ.
(¬2) م، س، ب: أَنْزَلَ
(¬3) ن، س، ب: هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ.
(¬4) س، ب: مَالٌ.

الصفحة 553