كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 8)
سَبَبَ حِفْظِ دَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَمَّتِ السَّلَامَةُ، وَانْتَظَمَ بِهِ الْغَرَضُ فِي الدُّعَاءِ إِلَى الْمِلَّةِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ الْقَوْمُ، وَرَأَوْا (¬1) الْفَتْكَ بِهِ، ثَارَ إِلَيْهِمْ، فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ حِينَ عَرَفُوهُ (¬2) ، وَانْصَرَفُوا وَقَدْ ضَلَّتْ حِيَلُهُمْ (¬3) ، وَانْتَقَضَ تَدْبِيرُهُمْ ".
وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَا رَيْبَ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ مِنْ شُجْعَانِ الصَّحَابَةِ، وَمِمَّنْ نَصَرَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ بِجِهَادِهِ، وَمِنْ كِبَارِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ (¬4) ، وَمِنْ سَادَاتِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمِمَّنْ قَتَلَ بِسَيْفِهِ عَدَدًا مِنَ الْكُفَّارِ، لَكِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ خَصَائِصِهِ، بَلْ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ شَارَكَهُ فِي ذَلِكَ، فَلَا يَثْبُتُ بِهَذَا فَضْلُهُ فِي الْجِهَادِ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَضْلًا عَنْ أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى الْخُلَفَاءِ، فَضْلًا عَنْ تَعْيِينٍ (¬5) لِلْإِمَامَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " إِنَّهُ كَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ ".
فَهَذَا كَذِبٌ، بَلْ كَانَ أَشْجَعَ (¬6) النَّاسِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
¬_________
(¬1) ك: وَأَرَادُوا.
(¬2) ن، م، س، ب: حِينَ عَرَفَهُمْ. وَالتَّصْوِيبُ مِنْ (ك) .
(¬3) ن، س، ب: حِيلَتُهُمْ.
(¬4) وَالْأَنْصَارِ: لَيْسَتْ فِي (م) .
(¬5) ب (فَقَطْ) : تُعَيُّنِهِ.
(¬6) م: كَانَ أَشْجَعَ، س، ب: بَلْ أَشْجَعُ.
الصفحة 76