كتاب المسائل النحوية في كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح
للمرفوع دون المنصوب والمجرور (¬1)، وأن المشهورَ من كلام العلماء في التوكيد أنه لا يكونُ إلا بما يوافقُه من رفع أو نصب أو جر (¬2).
وإذا أردنا تأكيدَ المتصل المرفوع أو المنصوب أو المجرور احتجنا إلى ضمير منفصل، ولا ضميرَ منفصلًا في الأصل إلا ضميرُ الرفع، فتأتَّى استعمالُه مع الجميع -مع اختلافها في الوضع؛ إذ عاملُ الرفع ليس بلفظي، والمنصوبُ والمجرور لا بد لهما من عامل يعمل فيهما- فربما كان المنعُ لمخالفته للمشهور من كلام العلماء ولتأكيدِه المنصوبَ بالمرفوع (¬3).
وأما الآية: {إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا} (¬4) التي استدل بها ابنُ الملقن على جواز تأكيد الضمير المتصل المنصوب بالمنفصل المرفوع، فقد اختلف المُعرِبون في ضمير الرفع (أنا) فيها على قولين؛ فمنهم مَن قال: إنه ضميرُ تأكيد (¬5)، واشترط الفراءُ أن تكون (أقلّ) مرفوعة (¬6).
ومنهم من قال: إن (أنا) ضميرُ فصل (¬7)، والفصلُ يُعدُّ ضربًا من التأكيد (¬8)، وقد نص سيبويه على ذلك (¬9)، ويرى ابنُ الحاجب أنه غير ما ذُكِر؛ لأنه ليس بلفظي ولا معنوي؛ إذ ألفاظُه محصورة (¬10).
¬_________
(¬1) شرح المفصل 3/ 43، شرح الرضي لكافية ابن الحاجب 1/ 1057، الارتشاف 4/ 1960، المقاصد الشافية 5/ 38.
(¬2) الأصول في النحو 2/ 19، نتائج الفكر في النحو 216.
(¬3) نص على هذا الرأي ابن الملقن عند شرحه للحديث، ولم أعثر على هذا الرأي -حسب اطلاعي- وإنما استنتجت ما يمكن أن يقال في المنع.
(¬4) الكهف: 39.
(¬5) معاني القرآن للفراء 2/ 145، إعراب القرآن للباقولي 138، التبيان في إعراب القرآن 2/ 848، مغني اللبيب 1/ 643.
(¬6) معاني القرآن للفراء 2/ 145.
(¬7) الكتاب 2/ 392، معاني القرآن للفراء 2/ 145، التبيان في إعراب القرآن 2/ 848، شرح الكافية 1/ 242، مغني اللبيب 1/ 643.
(¬8) المفصل 172، الإيضاح في شرح المفصل 1/ 471.
(¬9) الكتاب 2/ 389.
(¬10) أمالي ابن الحاجب 1/ 303، البرهان في علوم القرآن 2/ 409.