كتاب مسند أبي يعلى - ت السناري (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= ٣ - ومنها طريق الزبير بن بكار عن علي بن صالح عن جده - يعنى جد الزبير - عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام عن أبيه قال: "كان ابن الزبير يحدث" ...
وذكر القصة مطولة. أخرجه الزبير بن بكار كما في "كنز العمال" [رقم/ ٣٠٠٩٣]، ومن طريقه أبو الفرج في "الأغانى" [٤/ ١٧٥ - ١٧١]، وابن عساكر في "تاريخه" [١٢/ ٤٣٢]، والمزى في "تهذيب الكمال" [٢٤ - ٢٣/ ٦]، من طرق عن الزبير به ...
قلتُ: وهذا إسناد منكر معلول، عبد الله بن مصعب: ضعفه ابن معين كما في "تاريخ بغداد" [١٠/ ١٧٥]، ومصعب الزبيرى لم يدرك ابن الزبير ولا رآه بعينه قط.
ومن الغرائب: قول الحافظ في "الفتح" [٦/ ٢٤٨]: " ... كما روى أحمد بإسناد قوى عن عبد الله بن الزبير قال: "كانت صفية في حصن حسان بن ثابت يوم الخندق". فذكر الحديث في قصة قتلها اليهودى، وقولها لحسان: انزل فاسلبه، فقال: ما لى بسلبه حاجة".
قلتُ: وهذا ما وجدته في "مسند أحمد" بعد الاستقراء التام، ولا رأيت من عزاه إليه سوى الحافظ؟، وهذا اللفظ الذي ساقه الحافظ: قد وقع بنحوه في طريق ابن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله عن أبيه به ... وقد مضى الكلام على هذا الطريق: فلعل الحافظ شُبِّه له.
وهذا ما وقفتُ عليه من طرق تلك القصة. على أنه في متنها نكارة ظاهرة، فلو صح أن حسان رضى الله عنه كان بتلك المنزلة الخسيسة من الخوف والجبن، لانطلقت ألسنة الفصحاء والشعراء من مشركى قريش والعرب بهجوه والنيل منه، وأين ومتى جرى هذا؟!
وقد قال ابن عبد البر في ترجمة حسان من "الاستيعاب": "وقال أكثر أهل الأخبار والسير: إن حسان كان من أجبن الناس، وذكروا من جبنه أشياء مستشنعة أوردوها عن الزبير - يعنى ابن بكار - أنه حكاها عنه؛ كرهت ذكرها لنكارتها، ومن ذكرها قال: إن حسان لم يشهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا من مشاهده؛ لجبنه، وأنكر بعض أهل العلم بالخبر ذلك، وقالوا: لو كان حقًا لهجى به".
ونقل عنه القرطبى في "تفسيره" [١٤/ ١١٦]، أنه قال: "وقد أنكر هذا عن حسان جماعة من أهل السير وقالوا: لو كان في حسان من الجبن ما وصفتم؛ لهجاه بذلك الذين كان يهاجيهم في الجاهلية والإسلام، ولهجى بذلك ابنه عبد الرحمن، فإنه كان كثيرًا ما يهاجى الناس من شعراء العرب ... ". =

الصفحة 648