كتاب مسند أبي يعلى - ت السناري (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= ثم قطع سنده وقال: "وسمعتهم يذكرونه عن مصعب ... " فكان مراده بهذا: أنه سمعه من مالك وجماعة آخرين عن مصعب عن أبيه به، وهذا هو الذي فهمه صاحب "عون المعبود" فقال: "ولم يذكر الأعمش أن مالك بن الحارث وأقرانه ممن يروون هذا الحديث، فالواسطة بين مالك ومصعب غير مذكورة".
قلتُ: وهذا هو المقصود بالانقطاع الذي أشار إليه ابن طاهر الحافظ، وهذا الفهم أولى من قول المنذرى: "لم يذكر الأعمش فيه مَنْ حدثه"، وقد اعترضه الإمام في "الصحيحة" بكون الأعمش: "قد سمعه من جمع قد يكون منهم مالك بن الحارث أوْ لا".
قلتُ: بل الظاهر أن "مالك بن الحارث" واحد من هؤلاء الذين سمع الأعمش منهم هذا الحديث
عن مصعب.
ثم بدا لى أمر آخر، وهو أن مالك بن الحارث السلمى لا تُعرف له رواية عن مصعب بن سعد بعد التتبع، ولم يذكره المزى في الرواة عن مصعب، ولا ذكر مصعبًا في شيوخه، ويترجَّح عندى: أن مالك بن الحارث إنما يروى هذا الحديث عن سعد نفسه، وليس عن ولده مصعب عنه؛ يدل على ذلك: سياق الإسناد عند بعضهم كالمؤلف مثلًا، فكأن الأعمش رواه عن مالك بن الحارث عن سعد به ... ثم ذكر أنه سمعه من جماعة عن مصعب بن سعد عن أبيه به ...
ويؤيده: أنى وجدتُ مالك بن الحارث قد روى عنه الأعمش - لكنه شك فيه - أثرًا آخر من روايته عن سعد بن مالك، كما تراه عند ابن أبى شيبة [رقم ٥٨٦]. فإن ثبت هذا: فيكون الإسناد منقطعًا في موضعين:
الأول: انقطاعه بين مالك وسعد، فلا أراه سمع منه شيئًا.
والثانى: الانقطاع بين الجماعة الذين سمع منهم الأعمش، وبين مصعب بن سعد، فلم يذكر الأعمش أنهم سمعوا مصعبًا، هذا مع كونهم مُبْهمين لم يُسَموا، أما قول الإمام في "الصحيحة": "وكونهم لم يُسمَّوا لا يضر؛ لأنهم جمع تنجبر به جهالتهم، كما قال السخاوى في غير هذا الحديث". فقد رددناه باستفاضة في مكان آخر.
أما عدم جزم الأعمش برفعه؛ فقد أخذه المنذرى من قول الأعمش عند جماعة في هذا الحديث: "ولا أعلمهم إلا ذكروه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
وفى رواية: "ولا أعلمه إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -" وليس هذا مما يعل به الحديث إن شاء الله؛ لأن قول =

الصفحة 113