. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= الأعمش هذا من باب غلبة الظن دون الشك والتردد، كما قاله الإمام في "الصحيحة" [٤/ ٤٠٣].
وبهذا: تعلم قيمة تصحيح الحاكم لهذا الإسناد على شرط الشيخين، وقد تعقبه الإمام في "الصحيحة" قائلًا: "قلت: وفيه نظر فإن مالكًا هذا وهو السلمى الرقى إنما روى له البخارى في "الأدب المفرد"، فهو على شرط مسلم وحده! ".
قلتُ: لا والله، ما هو على شرط البخارى ولا مسلم أصلًا، وليس في "صحيح مسلم" حديث بتلك الترجمة قط، أعنى بالترجمة: "الأعمش عن مالك بن الحارث عن مصعب بن سعد عن أبيه". وقد مضى ما أعل به هذا الإسناد، وقد بدا لى فيه علتان أخروان:
الأولى: أن الأعمش إمام في التدليس، ولم يذكر فيه سماعه من مالك بن الحارث، لكن أجاب الإمام على عنعنة الأعمش بقوله: "لكن العلماء جروا على تمشية رواية الأعمش المعنعنة ما لم يظهر الانقطاع فيها".
قلتُ: بل الصواب هو التوقف في عنعنة الأعمش حتى يظهر الاتصال فيها، واستثناء الأعمش وحده من هذا الأصل يحتاج إلى برهان، وأين هو؟! على أن الإمام نفسه قد أعل جملة من الأحاديث والآثار بمطلق عنعنة الأعمش، وليس هنا مجال بسط لذلك؛ فانظر مثلًا "الصحيحة" [٦/ ١٢٠٢]، و"الضعيفة" [٣/ ٣٧٦]. ثم نقل الإمام عن الذهبى كلامه في اعتبار عنعنة الأعمش إلا في شيوخ أكثر من الرواية عنهم: كإبراهيم النخعى، وأبى صالح السمان، وأبى وائل وغيرهم، ثم قال الإمام "والشاهد من كلامه - يعنى الذهبى - إنما هو أن إعلال رواية الأعمش بالعنعنة ليس على الإطلاق، وهو الذي جرى عليه المحققون كابن حجر وغيره".
قلتُ: وهذا فيه نظر أيضًا، نعم: التحقيق أن ما قاله الذهبى - وقد سبقه الحميدى إليه بإطلاق - في حق الأعمش يجرى على غيره من سائر المدلسين، كما شرحناه في غير هذا المكان، والمدلس إذا أكثر من الحديث عن شيخ له معروف به؛ ثم عنعن عنه، حُملتْ عنعنته عنه على السماع ما لم يظهر خلاف ذلك، وليس ذلك مختصًا بالأعمش وحده كَما فهمه الإمام، وأما كون المحققين - ومنهم ابن حجر - قد جرى عملهم على اعتبار ما فهمه الإمام من كلام الذهبى بخصوص الأعمش وحده، فليس كذلك إن شاء الله. واعتراض ذلك يطول جدًّا، وهذا الحافظ ابن حجر نفسه، رأيته قد أعلَّ حديثًا يرويه الأعمش عن أبى صالح - وهو من الذين أكثر=