كتاب مسند أبي يعلى - ت السناري (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= ولعله اعتمد على قول الإمام أحمد الذي حكاه الساجى عنه كما قاله الحافظ في "التهذيب" [٩٥/ ٤]، وقد رده عليه الإمام أحمد شاكر في تعليقه على "المحلى" [٢/ ٢٦٩]، وأجاد.
وبالجملة: فسعيد ثقة حافظ لم يثبت ما قاله أحمد عنه. ولا يؤثِّر فيه قول ابن حزم أصلًا، وقد قال الحافظ في ترجمة سعيد من "هدى السارى": "شذ الساجى فذكره في "الضعفاء" ونقل عن أحمد بن حنبل أنه قال: "ما أدرى أي شئ حديثه، يخلط في الأحاديث" وتبع أبو محمد ابن حزم الساجيَّ، فضعف سعيد بن أبى هلال مطلقًا، ولم يصب في ذلك". وقال في "التقريب": "لم أر لابن حزم في تضعيفه سلفًا إلا أن الساجى حكى عن أحمد أنه اختلط". وقال في "شرح كتاب الرقاق" من "فتح البارى" [١٣/ ٣٥٧]، يرد على ابن حزم: "وسعيد متفق على الاحتجاج به، فلا يلتفت إليه في تضعيفه". إذا عرفت هذا: فالقول بكون الوجهين محفوظين معًا هو الأولى مِنْ جْعله من تخليط سعيد، وما يمنع أن يكون سعيد قد سمعه من خزيمة ذلك المجهول المغمور - عن عائشة بنت سعد عن سعد به. . . ثم قابل عائشة نفسها فحدثته بالحديث؟! فإن قيل: يعكر على هذا أن أحدًا لم يذكر أن سعيدًا يروى عن عائشة بنت سعد، فلم يذكرها المزى في شيوخ سعيد من "التهذيب"، ولا ذكرها أحد ممن ترجم له أصلًا، بل جزم حسين الأسد في تعليقه على "مسند المؤلف" بكونه لم يدركها رأسًا، فقال: "سعيد بن أبى هلال لم يدرك عائشة بنت سعد، وإنما روى عنها بواسطة خزيمة". والجواب عن هذا أن نقول: قد جزم غير واحد أن عائشة بنت سعد قد ماتت سنة سبع عشرة ومائة/ ١١٧ هـ. وسعيد بن أبى هلال ولد سنة سبعين للهجرة. وقد اختلف في سنة وفاته، فأكثر ما قيل فيه أنه توفى سنة ١٤٩ هـ، وأقل ما قيل في وفاته أنه توفى سنة ١٣٣ هـ فيكون عمره يوم وفاة عائشة سبعة وأربعين عامًا، ثم إنه مدنى مشهور. ولد بمصر ثم سافر به أبوه إلى المدينة فنشأ بها، ومكث دهرًا ثم عاد إلى مصر في خلافة هشام بن عبد الملك. وهشام قد بويع له بالخلافة سنة خمس ومائة للهجرة. وعائشة بنت سعد: مدنية مشهورة وحدَّث عنها المدنيون أمثال: مالك ويوسف الماجثون ومهاجر بن مسمار وجماعة كثيرة من أهل المدينة. وبعضهم - مثل مالك - قد تأخر ميلاده عن ميلاد سعيد بن أبى هلال بدهر. وكل هذا: ظاهر جدًّا في احتمال سماعه منها، والمزى وإن حاول استيعاب شيوخ الرجل وتلاميذه في ترجمته، إلا أنه ما وفَّى ولا كاد، كما يعرفه كل مشتغل بهذا الفن اللطيف، فلا ينتهض إعلال الحديث بكون المزى لم يذكر عائشة في شيوخ سعيد من كتابه "التهذيب"، وكم ترك المزى من شيوخ وتلاميذ مشاهير أهل العلم في كتابه، فكيف بمن دونهم؟! =

الصفحة 34