كتاب مسند أبي يعلى - ت السناري (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= ثم وقفتُ على "علل أبى بكر الأثرم" [ص ٤٥/ طبعة دار البشائر] , فوجدته قال فيه.
"سمعت أبا عبد الله - يعنى الإمام أحمد - يقول: "سعيد بن أبى هلال ما أدرى أي شئ حديثه، يخلط في الأحاديث"، ثم قال: "هو أيضًا يروى عن أبى الدرداء في السجود. قلت: حديث النجم؟ فقال: نعم".
قلتُ: فكأن الإمام أحمد ينكر عليه حديث أبى الدرداء في السجود في سورة النجم أيضًا، ولا ينافى هذا ثناء الإمام أحمد عليه في مكان آخر.
ووجدتُ الحافظ أبا عثمان البرذعى قد قال في "سؤالاته لأبى زرعة الرازى" [٢/ ٣٦١ - ٣٦٢]: "قال لى أبو زرعة: خالد بن يزيد المصرى وسعيد بن أبى هلال صدوقان، وربما وقع في قلبى من حسن حديثهما". ثم قال البرذعى عقب هذا: "قال أبو حاتم - يعنى الرازى: أخاف أن يكون بعضها مراسيل عن ابن أبى فروة وابن سمعان".
قال ابن رجب في "شرح العلل" [٢/ ٣١٢]: "ومعنى ذلك: أنه عرض حديثهما على حديث ابن أبى فروة وابن سمعان فوجده يشبهه، ولا يشبه حديث الثقات الذين يحدثان عنهم، فخاف أن يكونا أخذا حديث ابن أبى فروة وابن سمعان ودلساه عن شيوخهما".
قلت: وبهذه النقول النادرة يثبت قول الإمام أحمد بشأن اختلاط سعيد في بعض الأحاديث، وليس هو اختلاطًا بالمعنى المشهور كما ظنه جماعة من المتأخرين، بل المراد منه الاضطراب ونحوه. وكلام أبى حاتم الرازى: ظاهر أيضًا في احتمال أن يكون سعيد ربما سمع الحديث من بعض الضعفاء والهلكى، ثم يدلسهم ويُسوِّى الإسناد، ولا ينافى كل هذا: أن يكون سعيد لا يزال ثقة صدوقًا صاحب حديث.
إذا عرفت هذا: علمتَ أنه لا يبعد أن يكون سعيد قد اضطرب في سند الحديث هنا.
والظاهر عندى: أنه سمعه من ذلك الشيخ المجهول: "خزيمة" عن عائشة بنت سعد، ثم صار يدلسه ويرويه عن عائشة بلا واسطة، فعلة الحديث على التحقيق: هي جهالة خزيمة شيخ سعيد فيه.
وللحديث: شواهد دون هذا التمام هنا. وسيأتى منها حديث صفية [برقم ٧١١٨].
وقد استوفينا تخريج أحاديث الباب: في كتابنا: "غرس الأشجار بتخريج منتقى الأخبار". والله المستعان لا رب سواه.

الصفحة 35