ثم خرج فاعتزل فيها بأهله على ماء، يقال له: قَلَهِيّ، قال: وكان سعدٌ من أحدِّ الناس بصرًا، فرأى ذات يوم شيئًا يزول، فقال لمن تبعه: ترون شيئًا؟ قالوا: نرى شيئًا كالطير، قال: أرى راكبًا على بعير، ثم جاء بعد قليل عمر بن سعد على بختيٍّ أو بختية، ثم قال: اللَّهم إنا نعوذ بك من شر ما جاء به، فسلم عمر، ثم قال لأبيه: أرضيت أن تتبع أذناب هذه الماشية بين هذه الجبال، وأصحابك يتنازعون في أمر الأمة؟ فقال سعد بن أبي وقاص: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: "إِنَّهَا سَتَكون بَعْدِى فِتَنٌ - أوْ قَالَ: أُمُورٌ خَيْر النَّاسِ فِيهَا الْغَنِيُّ الخفِيُّ التَّقِيُّ"، فإن استطعت يا بنى أن تكون كذلك فكن، فقال له عمر: أما عندك غير هذا؟! فقال له سعدٌ: لا يا بنى، فوثب عمر ليركب، ولم يكن حط عن بعيره، فقال له سعدٌ: أمهل حتى نغديك، قال: لا حاجة لى بغدائكم، قال سعدٌ: فنحلب لك فنسقيك، قال: لا حاجة لى بشرابكم، ثم ركب فانصرف مكانه.
٧٥٠ - حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا قتيبة بن سعيد، حدّثنا ليثٌ، عن عياش بن عباس،
---------------
= وأبوه: ضعيف على التحقيق، وإن كان أحسن حالًا من ولده، وشريك صدوق يخطئ كما قاله الحافظ. لكن: للمرفوع من الحديث طريقان إلى سعد به ... مضى الكلام عليهما [برقم/ ٢٣٧]، فانظر هناك، واللَّه يتولاك.
٧٥٠ - صحيح: أخرجه الترمذي [٢١٩٤]، وأحمد [١/ ١٨٥] والسهمى في "تاريخه" [ص ٥٤٠]، والشاشي في "المسند" [١/ رقم ١٢٦]، والضياء في "المختارة" [٣/ ١٤٠]، وابن عساكر في "تاريخه" [٥١/ ٢١٤]، وغيرهم من طرق عن قتيبة بن سعيد عن الليث بن سعد عن عياش بن عباس عن بكير الأشج عن بسر بن سعيد أن سعدًا قال: ... وذكره. قال الترمذي: "هذا حديث حسن".
قلتُ: هذا إسناد صحيح مستقيم، لكن قد اختلف في إسناده، فقال الترمذي بعد أن رواه: "وروى بعضهم هذا الحديث عن الليث بن سعد وزاد في الإسناد رجلًا".
قلتُ: هذا البعض هو عبد الله بن صالح، وهذا الرجل الذي زاده هو عبد الرحمن بن حسين الأشجعي. فأخرجه الطبراني في "الأوسط" [٨/ رقم ٨٦٧٨]، من طريق عبد الله - بن صالح عن الليث عن بكير الأشج عن بسر بن سعيد عن عبد الرحمن بن حسين الأشجعي عن سعد به ...