عن بكير، عن بُسْر بْن سَعيدٍ، أن سعد بن أبي وقاص، قال عند فتنة عثمان: أشهد لَسَمعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "إنَّها سَتَكونُ فِتْنَةٌ، الْقَاعِدُ فيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ الماشِى، وَالماشِى خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي"، قال: أرأَيت إن دخل عليَّ بيتى، وبسط يده ليقتلنى؟ قال: "كنْ كَابْنِ آدَمَ".
---------------
= قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن سعد إلا من حديث بكير بن عبد الله بن الأشج ولا رواه عن بكير إلا عياش وابن لهيعة".
قلتُ: وعبد الرحمن هذا: شيخ مجهول لم يوثقه سوى ابن حبان وحده، لكن عبد الله بن صالح - راويه عن الليث - صدوق كثير الغلط والأوهام. وقد خالفه قتيبة بن سعيد كما مضى.
وأين هو من قتيبة؟! لكن قد توبع الليث عليه من رواية عبد الله بن صالح عنه على الوجه الماضي.
تابعه: المفضل بن فضالة المصري - الثقة الإمام - عند أبي داود [٤٢٥٧]، ومن طريقه الضياء في "المختارة" [٣/ ١٤٤ - ١٤٥]، وابن عساكر في "تاريخه" [٧/ ٦٤]، والمزى في "التهذيب" [٦/ ٣٩٠]. وهذا الوجه: "بزيادة عبد الرحمن بن حسين" هو الذي رجحه الدارقطني في "العلل" [٤/ ٣٨٤]، فقال: "وحديث مفضل بن فضالة أشبه بالصواب".
قلتُ: وأنا لا أتجشَّم تخطئة قتيبة بن سعيد فيما رواه عن الليث على الوجه الأول، بل الأشبه: هو القول بكون الوجهين محفوظين معًا، ولا مانع من أن يكون بسر بن سعيد قد سمعه من عبد الرحمن بن حسين عن سعد، ثم قابل سعدًا فحدثه به، وبسر قد جالس سعدًا وسمع منه، وهذا أولى في نقدى.
لكن: ابن لهيعة الإمام المشهور تراه لا يسكن جأشه إلا بمخالفة عياش بن عباس في إسناده، فتراه يرويه عن بكير الأشج فيقول: ثنا بكير بن عبد الله بن الأشج أنه سمع عبد الرحمن بن حسين يحدث عن سعد به ...
قلتُ: هكذا أسقط "بسر بن سعيد" من سنده، أخرجه أحمد [١/ ١٦٨] من طريق أبي سعيد مولى بنى هاشم عن ابن لهيعة به، وابن لهيعة حاله معلومة، وليس هو مما تُساق مروياته في مساق الاحتجاج إلا عند مَنْ لا يدرى ما وراء الأكمة، وشرح حاله تجده في كتابنا "فيض السماء". وللحديث: طريق آخر عن سعد يأتي [برقم ٧٨٩]، وله شواهد كثيرة. وقد قال الترمذي: "وقد روى هذا الحديث عن سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير هذا الوجه". =