وأما مقيس بن صبابة، فأدركه الناس في السوق.
وأما عكرمة فركب البحر، فأصابتهم عاصفٌ، فقال أصحاب السفينة لأهل السفينة: أخلصوا فإن الهتكم لا تغنى عنكم شيئًا هاهنا، فقال عكرمة: لئن لم ينجنى في البحر إلا الإخلاص فما ينجينى في البر غيره، اللَّهم إن لك عليّ عهدًا إن أزت عافيتنى مما أنا فيه أن آتى محمدًا حتى أضع يدى في يده، فلأجدنه عفوّا كريمًا، قال: فجاء فأسلم.
وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فإنه اختبأ عند عثمان بن عفان، فلما دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، بايع عبد الله! فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثًا، كل ذلك يأبى، فبايعه بعد الثلاث، ثم أقبل على
---------------
= قال البزار: "وَهَذَا الحديثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى بهَذَا اللَّفْظ إلَّا عَنْ سَعْد بهَذَا الإسْنَاد". وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة" [٥/ ٢٤٦]: "رجَالُهُ ثقَاتٌ"، وكذا قال الهيثمي في "المجمع" [٦/ ٢٤٧].
قلتُ: وهذا إسناد ضعيف، أحمد بن المفضل مشاه أبو حاتم وغيره، ووثقه ابن حبان، لكن يقول الأزدى: "منكر الحديث" ثم ساق له حديثًا باطلًا سمجًا، فتعقبه الحافظ قائلًا: "لعله أدْخِل عليه".
قلتُ: ولو صح أنه أدْخِل عليه فهذا مما يضعفه أيضًا، وقد اختلف عليه في سنده.
فرواه محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن أبيه، عن أحمد بن المفضل فقال: عن أسباط عن سماك عن مصعب بن سعد عن أبيه به ... فاسقط منه "السدي" وأبدله بـ: "سماك بن حرب"، هكذا ذكره الدارقطني في "العلل" [٤/ ٣٢٥]، ثم قال: "ووهم في قوله عن سماك، وإنما هو عن السدي".
قلتُ: ولم ينفرد به أحمد بن المفضل، بل تابعه: طلحة بن عمرو القناد عند الحاكم [٢/ ٦٢]، وعنه البيهقي في "سننه" [رقم ١٨٥٦١]، من طريق أحمد بن محمد بن نصر ثنا عمرو بن طلحة القناد ثنا أسباط بن نصر عن السدي عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: "لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس إلا أربعة نفر وامرأتين. وقال: اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة: عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خطل ومقيس بن صبابة وعبد الله بن سعد بن أبي سرح". هكذا مختصرًا. =