كتاب مسند أبي يعلى - ت السناري (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= قلتُ: وهذا نصٌّ في كون ابن المدينى يقصد بما قال: (عبد الله بن عيسى بن أبى ليلى)، وعليه: فقوله: (هو عندى منكر) ليس كما فهمنا آنفًا من كونه يريد بهذا الغمز من (عبد الله بن عيسى) بكونه (منكر الحديث) بل يريد أن روايته تلك منكرة، كما أشار هو وذكر الحديث.
ويؤيد إعلال الحديث: أن أبا زرعة الدمشقى قد أخرجه أيضًا في "فوائده المعللة" [رقم ٩٥]، وإن لم يتكلم عليه بشئ، وكذا أخرجه الدارقطنى في "الغرائب والأفراد" [رقم ٥٤١١/ أطرافه]، ثم قال: "تفرد به عبد الله بن عيسى عن عكرمة، وتفرد به عمار بن رزيق عن عبد الله".
قلتُ: ومجرد التفرد لا يضر الرواية إذا كان من ثقة مشهور العدالة مثل عبد الله بن عيسى بن أبى ليلى، لكن إنكار ابن المدينى لروايته تلك؛ دليل كونها خطأ متنًا أو إسنادًا، وذكِرْه لعبد الله بن عيسى في صدد إنكار تلك الرواية، دليل آخر على كونه يُعصِّب الجناية في رقبته، بمعنى أنه قد وهم فيه.
ولكن ما هذا الوهم؟! وما هي صورته؟! لم يظهر من ذلك شئ إلا أن ابن المدينى هو إمام الدنيا في علل الحديث، وما أقدِّم عليه في هذا الفن أحدًا قط، فكما نقبل قوله في الجرح والتعديل عند عدم المخالفة له من أحد من النقاد؛ كذلك يجب علينا قبول تعليله للأخبار طالما لم يخالفه أحد من أضرابه في ذلك.
أما تصحيح الحاكم وغيره للحديث، فلا يعتمد عليه بعد ما تقدم، وللحديث طريق آخر عن أبى هريرة عند ابن عدى في "الكامل" [٧/ ٢٨]، والخطيب في "تاريخه" [١١/ ١٢٣]، وغيرهما. وإسناده باطل.
وقد كنا قد قوَّينا حديث أبى هريرة من طريق (عبد الله بن عيسى) الماضى فيما علقناه على "ذم الهوى" لابن الجوزى [٢/ رقم ٦١٦]، اغترارًا بنظافة إسناده، ونحن نتراجع عن ذلك هنا.
وقد وجدت للحديث طريقًا آخر عن ابن عباس مرفوعًا نحو سياق المؤلف هنا، لكن دون الفقرة الأخيرة: أخرجه الطبراني في "الأوسط" [٢/ ٢٢٣/ ٨٠٣]، من طريق عليّ بن أبى هاشم عن عثمان بن مطر عن معمر بن راشد عن عبد الله بن طاووس عن أبيه عن ابن عباس به ...
قلتُ: قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن طاووس إلا معمر، ولا عن معمر إلا عثمان، تفرد به عليٌّ".

الصفحة 104