. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= "وأخذ عن ابن عباس ... "، وهذا ظاهر في السماع إن شاء الله، والأخذ أخص من الرواية كما هو معلوم، ونحوه قول ابن عساكر في "تاريخه" [٦٣/ ٣٦٦]، في صدر ترجمة وهب: "لقى عبد الله بن عباس و .... "، وهذا كله إن لم يثبت السماع فلا ينفيه جزمًا، فكيف وسماعه منه ظاهر كما يأتى إيضاحه؟!.
وقد اعتمد المعلق على (منتخب علل الخلال) في نفيه السماع: قول ابن معين: "لم يسمع وهب من جابر شيئًا"، ثم قال: "فعدم سماعه من ابن عباس أولى، ذلك أن ابن عباس مات قبل جابر، فقد مات ابن عباس سنة ثمان وستين، بينما مات جابر بعد السبعين، وما زال الأئمة يستدلون بمثل هذا على انتفاء السماع ... ".
قلت: ولن نناقشه بشأن البتِّ بتحديد وفاة ابن عباس وجابر مع الاختلاف المعروف في ذلك، بل نعدُّ ما اختاره هو المعتمد في وفاة الإمامين جابر وابن عباس - رضى الله عنهما - فيكون بين وفاة هذا وذلك على أكثر ما قيل حوالى (١٢ سنة أو تزيد قليلًا)، ولا يكون هذا دليلًا ناهضًا على عدم السماع أصلًا، ومولد وهب كان سنة (٣٤ هـ) كما قاله إسحاق بن إبراهيم الهروى، وأكثر ما قيل في وفاته أنها كانت سنة (١١٦ هـ).
وعليه يكون وهب قد أدرك من حياة ابن عباس أربعة وثلاثون عامًا، وكان قد سكن مكة دهرًا واجتمع فيها بأماثل التابعين في ذلك الزمان طاووس وعمرو بن دينار وجماعة. وله في مكة خاصة حكايات في اجتماعه بالحسن البصرى وجماعة في الوسم، فما كان يمنعه من السماع من ابن عباس فضلًا عن رؤيته، فضلًا عن الجلوس إليه؟! وما ضاق مسلم ذرعًا في "مقدمة صحيحه" إلا من تلك المحاولات البائسة في نفس سماع مَنْ هذا حاله.
ثم قول المعلِّق النافى للسماع بعد حكايته قول ابن معين في نفس سماع وهب من جابر: "فعدم سماعه من ابن عباس أولى" دليل على كونه قد فهم قول ابن معين بما لا ينبغى لمثله أن يفهم معه ذلك الذي فهمه، فقول ابن معين كما في مراسيل ابن أبى حاتم [ص ٢٢٨٨]: "لم يلق وهب بن منبه جابرًا ... ولكنه ينبغى أن تكون صحيفة وقعت إليه".
فليس مراد ابن معين أن وهبًا لم يدرك جابرًا، كيف وقد أدرك من حياة جابر ما ينوف على خمسة وثلاثين عامًا؟! وإنما مراد ابن معين ما أوضحه هو بقوله: "لم يلق وهب بن منبه جابرًا ... " يعنى لم يجتمع به ولم يجلس إليه؛ وإنما وقعت له صحيفة جابر المشهورة؛ فجعل يحدث بها عنه، فأنَّى يتم الاستدلال بهذا على كون عدم سماعه من ابن عباس أولى؟ =