. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= كما فهمه الحافظ في ترجمة إسماعيل من "تهذيبه" - فإذا كان إسماعيل كذلك، فلعله أخطأ أيضًا في تلك الرواية الماضية.
قلتُ: هذا غاية في التكلف وتوهيم الثقات، والذى دفع الحافظ في "تهذيبه" [١/ ٣١٦]، إلى استظهار وخطأ إسماعيل في تصريحه بالسماع بين وهب وجابر؛ إنما هو جَزْم ابن معين بكون وهب لم يلق جابرًا كما مضى، فما الذي يجعلنا نركب مثل هذا التأويل في سماع وهب من ابن عباس؛ مع كون أحد من النقاد لم ينفه أصلًا، ولو بالإشارة، وماذا تكون قيمة سعى المتأخر في الاستدراك عليهم مثل هذا؟! ثم إن في رواية البيهقى قصة يبعد معها وقوع الخطأ من ضعيف غير ضابط، فكيف فيمن يقول عنه ابن معين: "ثقة، رجل صدق ... "؟!.
وبعد هذا كله: فلا أظن أن باحثًا يستريب بعد ذلك في ثبوت سماع وهب من ابن عباس أصلًا، والذى دعا هذا المعلِّق الفاضل المحقق - وتلك شهادة تناله - على "منتخب علل الخلال لابن قدامة" إلى نفى السماع، هو أنه يعمل في تحقيق كتاب في "العلل"، فكأنه ظن أن كل خبر موجود فيه لا بد أن يكون معللًا؛ وهذا هو الذي جعله يتطلَّب إعلال هذا الحديث مع سلامة إسناده، وليس كما ظن أصلًا؛ بل هم قد يوردون الصحيح في كتب "العلل" ولا يتكلمون عليه بشئ؛ لكونهم ما قصدوا إعلاله بإيراده؛ ولا اشترط أكثرهم ذلك؛ بل قد يذكرونه لمناسبة تتعلق بحديث قبله، أو بفائدة في إسناده، أو لنكتة في متنه، بل قد يوردونه ليردوا ما أعلَّ به؛ أو لينبهوا الغافل على قبولهم له بسكوتهم عليه، والأمثله على ذلك كثيرة جدًّا، تجدها في "علل أحمد": (رواية ولده عبد الله) بكثرة، وكذا في "الفوائد المعللة" لأبى زرعة الشامى.
ولماذا أذهب بالتنظير بعيدًا؟! فهذا "منتخب علل الخلال" نفسه، ذكر فيه "الخلال" [ص ٢١٧/ رقم ١٢٨]، حدث سفينة: (الخلافة بعدى ثلاثون ... ) ثم نقل عن الإمام أحمد تصحيحه، بل والرد بقوة على مَنْ حاول إعلاله، نعم: الغالب على الأخبار الواردة في كتب "العلل" هو الإعلال الظاهر أو الخفى، فاعلم هذا فإنه مهم، بل إنى أرى الإمام أحمد ما حدث بهذا الحديث وسكت عن إعلاله، مع توثيق بعض رجاله؛ إلا كونه كان يومئ بذلك إلى صحته عنده، وقد مضى نقل كلامه في توثيق المنذر بن النعمان من "منتخب علل الخلال"، فاللَّه المستعان.
وهنا شئ مهم جدًّا ينبغى الالتفات إليه: وهو أن بعضًا من أصحابنا يعتقدون أن كل حديث يذكره أصحاب كتب الضعفاء في كتبه: مثل "كامل ابن عدى" و"ضعفاء العقيلى" =