. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= قلتُ: والمحفوظ عن الزهرى هو الأول ليس فيه ميمونة، نعم ذكر ابن عبد البر أن سليمان بن كثير قد تابع ابن عيينة على ذكر ميمونة فيه، كذا قال، ولم أقف على تلك الرواية، بل وجدتُ الدارقطنى قد أخرجه في "سننه" [١/ ٤٣]، بإسناده الصحيح إلى سليمان بن كثير عن الزهرى عن عبيد الله عن ابن عباس به ... ، ولم يذكر فيه ميمونة، فإن كان ما قاله عنه ابن عبد البر محفوظًا، فلعله اختلف عليه في سنده، أو كان لا يضبط إسناده كابن عيينة.
وسواء كان هذا أو ذاك: فالمحفوظ عند الحفاظ في حديث الزهرى ليس فيه ميمونة، كما قاله الحافظ في الفتح [٩/ ٦٥٨]، ثم جاء صاحب "المستدرك"، وجعل يجازف على عادته، وقال بعد أن أخرج الحديث في معرفة "علوم الحديث" [ص ١٤١/ الطبعة العلمية]: "هذا حديت مختلف في إسناده؛ والصحيح عن ابن عباس عن ميمونة، هكذا رواه مالك بن أنس وغيره عن الزهرى".
قلتُ: أما الصحة: فلا سبيل له إلى إقامة البرهان عليها أصلًا، بل الصحيح هو ما اختار نقيضه، أما استناده في دعوته إلى كون مالك قد رواه هكذا عن الزهرى، فهذا شئ ما وجدناه عن مالك بعد، والمشهور عن مالك أنه قد اختلف عليه في وصله وإرساله، كما ذكره ابن عبد البر في "التمهيد" [٩/ ٤٩]، ثم صحَّح رواية الوصل.
ولو ثبت أن بعضهم رواه عن مالك فجعله من (مسند ميمونة) فهى رواية مرجوحة إن لم تكن غير محفوظة، هذا على افتراض وجودها؛ فكيف وهى في عالم الغيب؟!
وقد رواه بعضهم عن الأوزاعى عن الزهرى بإسناده به عن ابن عباس ... فأخطأ فيه خطأ فاحشًا، ودخل له حديث في حديث، كما يأتى الكلام عليه عند المؤلف [برقم ٢٥٩٣]، ثم إن ابن عبد البر قد نقل عن الذهلى في "التمهيد" [٩/ ٥٠]، أنه ضعَّف ذكر الدباغ في هذا الحديث، وجزم بكونه غير محفوظ من - رواية الزهرى، وتابعه ابن عبد البر على ذلك، وليس كما قالا. وذكر الدباغ قد رواه جماعة عن الزهرى - منهم ابن عيينة، وزاد أبو داود: "وذكره الزبيدى وسعيد بن عبد العزيز، وحفص بن الوليد"، وزاد الذهلى معهم: (عقيل بن خالد) ولا يضر هؤلاء كون الأكثرين قد رووه عن الزهرى فلم يذكروا فيه (الدباغ)؛ لأنهم قد حفظوا ما لم يحفظه غيرهم، وقد ينشط الراوى فيذكر الحديث على وجهه بحروفه، وقد لا ينشط له فتراه يذكر بعضه وحسب، ويسمع منه بعضهم الوجه الأول، وبعضهم الوجه الآخر، ولا يقتضى هذا توهيم من زاد فيه ما لم يذكره غيره؛ لاسيما والراوى للزيادة ثقة حافظ كابن عيينة مثلًا. =