كتاب مسند أبي يعلى - ت السناري (اسم الجزء: 4)

النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّما قَالَ: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} الآيَةُ [الأنعام: ١٤٥]، لا بَأْسَ أَنْ تَدْبُغُوهُ تَنْتَفِعُونَ بِهِ"، قالت: فأرسلتُ إليها، فسلخت مسكها، فاتخذتُ منه قربةً حتى تخرّقتْ.
---------------
= "تهذيب الآثار" [رقم ٢٣٦٦، ٢٣٦٧]، وابن المنذر في "الأوسط" [رقم ٨٠٦]، وابن شاهين في "ناسخ الحديث" [رقم ١٦٠، ١٦١] وجماعة، من طرق عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به ...
قلت: وهذا إسناد ضعيف معلول، وقد مضى أن رواية سماك عن عكرمة قد ضعفها جماعة من النقاد ووصفوها بالاضطراب، وكذا سماك قد ساء حفظه بأخرة حتى صار يتلقَّن، وله يروه عنه أحد ممن سمع منه قديمًا كشعبة والثورى.
وقد اضطرب في إسناده ما شاء الله، فقال الطبرى في "تهذيب الآثار" بعد روايته: "وهذا خبر عندنا صحيح سنده، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيمًا غير صحيح لعلل:
إحداها: أنه خبر قد حدث به عن سماك غير مَنْ ذكرنا، فقال فيه: عنه عن عكرمة عن ابن عباس عن سودة بنت زمعة، وفى ذلك بيان بيِّن أن ابن عباس لم يسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وأخرى: وهى أنه قد حدث به عن سماك بعض مَنْ حدث به عنه فقال فيه: عنه عن عكرمة عن سودة بنت زمعة، ولم يدخل بينها وبين عكرمة أحدًا، وفى ذلك دليل عندهم على وهائه.
وثالثة: وهى أن بعض رواته عن عكرمة قال فيه: عن عكرمة: أن سودة ماتت لها شاة؛ فأرسل الخبر عن عكرمة، ولم يجعل بينه وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدًا".
قلت: ثم ساق الطبرى بأسانيده كل تلك الوجوه جميعًا، وهذا الاضطراب أكثره من سماك بن حرب؛ لما قد عرفته من تغيره وضعف روايته عن عكرمة خاصة، ثم ذكر الطبرى علة رابعة في تضعيف الإسناد فقال: "والرابعة: أن ذلك خبر عن عكرمة، وفى نقل عكرمة عندهم نظر يجب التثبت فيه من أجله".
قلت: وهذه العلة الأخيرة ليست بشئ على التحقيق، وعكرمة أحد أئمة المسلمين، ثقة ثبت إمام ولا كلام، ولم يتكلم فيه أحد بحجة إن شاء الله، راجع ترجمته من "التهذيب" و"ذيوله"، وكذا من "هدى السارى". ولم يقصد الطبرى الغمز من عكرمة بكلامه الماضى، وإنما ذكره على طريقة أهل الجدل، والمناظرة، وإلا فهو أحد ثلاثة من العلماء الذين ألفوا في الذب عن عكرمة، والحاصل: أن الإسناد ضعيف من هذا الوجه. =

الصفحة 13