كتاب مسند أبي يعلى - ت السناري (اسم الجزء: 4)

المكْتُوبَةُ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ" ثم قال ابن عباسٍ: تجده كثير المال لا يزكَّى، فلا يزال بذاك كافرًا فلا يحل دمه، وتجده كثير المال لم يحج فلا يزال بذاك كافرًا، ولا يحل دمه.
---------------
= قلتُ: وهذا إسناد منكر، وفيه علتان:
الأولى: مؤمل بن إسماعيل صدوق صالح في نفسه، صُلْب في السنة، شديد على أهل البدع، لكن لم يكن الحديث صنعته، حمله الورع على أن يدفن كتبه كلها، ثم احتاج بعد ذلك إلى التحديث، فجعل يخطئ ويضطرب كثيرًا حتى وقعت تلك المناكير في روايته، لكنه لم ينفرد به، فقال ابن رجب في "جامع العلوم" [ص ٤٤]: "ورواه قتيبة بن سعيد عن حماد بن زيد مرفوعًا مختصرًا".
قلتُ: ولم أقف على تلك المتابعة بعد، ثم ذكر ابن رجب أن حماد بن زيد قد توبع عليه أيضًا، فقال: "ورواه سعيد بن زيد - أخو حماد - عن عمرو بن مالك النكرى عن أبى الجوزاء عن ابن عباس مرفوعًا وقال فيه: من ترك منه واحدة فهو باللَّه كافر، ولا يقبل منه صرف ولا عدل، وقد حلَّ دمه وماله، ولم يذكر ما بعده".
قلتُ: ونحوه ذكر المنذرى في "الترغيب" [١/ ٢١٥]، [٢/ ٦٦]، وسعيد بن زيد هذا مختلف فيه، وقال الحافظ: "صدوق له أوهام".
والثانية: عمرو بن مالك النكرى - بضم النون - لم يوثقه أحد سوى ابن حبان وحده، ومع ذلك فقد قال: "يعتبر حديثه من غير رواية ابنه عنه"، وقد نقل الحافظ في "تهذيبه" [٨/ ٩٦]، عن ابن حبان أيضًا أنه قال عنه: "خطئ ويغرب" وتابعه الإمام على هذا النقل في "الضعيفة" [١/ ٢١١]، وفى "تمام المنة" [ص ١٣٨].
وهو وهْم منهما جزمًا، ومثلهما فعل البوصيرى في "الإتحاف"، أيضًا، والذى قال فيه ابن حبان: "يغرب يخطئ" إنما هو عمرو بن مالك النكرى شيخ متأخر الطبقة يروى عن الفضيل بن سليمان وعنه جماعة من شيوخ ابن حبان كما ذكر ذلك في ترجمته من كتابه "الثقات" [٨/ ٤٨٧].
ولم ينتبه بشار عواد لهذا أصلًا، فقال يتعقب الحافظ في تعليقه على "تهذيب الكمال" [٢/ ٢١٢]، فيما نقله الحافظ عن ابن حبان من قوله عن عمرو بن مالك: "يخطئ ويغرب"، قال بشار: "ولم نجد هذا القول في المطبوع من ابن حبان، فلعله سقط".
قلتُ: بل ما سقط إلا من أعينكم جميعًا، وهذا النقل ثابت عن ابن حبان، ولكن قاله في شيخ =

الصفحة 25