كتاب مسند أبي يعلى - ت السناري (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= قلتُ: وسنده قوى مستقيم؛ وقد قال الهيثمى في "المجمع" [١٠/ ٧٢٥]: "رواه أبو يعلى والطبرانى في "الأوسط" بنحوه، والبزار، ورجالهم رجال "الصحيح"؛ غير نافع بن خالد الطاحى، وهو ثقة".
وهو كما قال؛ وقال صاحبه "الشهاب" البوصيرى في "إتحاف الخيرة" [٨/ ١٠٢]: "رواه أبو يعلى والطبرانى والبزار، وأسانيدهم صحاح" كذا قال، وهذا منه مجازفة، إذ إن الحديث عند هؤلاء ليس له إلا إسناد واحد فقط، وهو الماضى.
وقال الطبراني عقب روايته: "لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا خالد بن قيس؛ ولا عن خالد إلا نوح بن قيس، تفرد به نافع بن خالد الطحاوى".
قلتُ: وثلاثتهم ثقات معروفون؛ فنوح بن خالد وأخوه من رجال مسلم؛ ونافع بن خالد الطاحى ذكره ابن حبان في "الثقات" [٩/ ٢١٠]، وقال: (حدثنا أبو يعلى الموصلى، ثنا نافع بن خالد الطاحى ... ) وتوثيقه لهذه الطبقة مقبول جدًّا؛ وذكره ابن أبى حاتم في "الجرح والتعديل" [٨/ ٤٥٧]، وقال: "روى عنه أبو زرعة" وهذا أيضًا توثيق له، وأبو زرعة لا يروى إلا عن ثقة عنده كما قاله الحافظ في ترجمة (داود بن حماد البلخى) من "اللسان" [٢/ ٤١٦].
ثم بدا لى علة في هذا الإسناد الذي ظاهره الصحة، فنقل الحافظ في ترجمة خاسد بن قيس من "التهذيب" [٣/ ١١٣]، عن الحافظ أبى "الفتح" الأزدى أنه قال: "خالد بن قيس عن قتادة فيها مناكير".
قلتُ: والأزدى كلامه في نقد الرجال وتعليل الأخبار قوى جدًّا على شطط فيه، ولم يكن الأزدى ممن يساير من تقدمه في توثيق النقلة وتجريحهم، بل كان له في ذلك ذوق خاص؛ بحيث تكلم في ضبط أناس لم يسبقه أحد في الغمز منهم، وهو وإن كان قوى النَّفَسِ في الجرح - كما يقول الذهبى - فلم تكن طريقته في النقد تماثل طريقة المتأخرين ممن أتى بعده، بل كان يسبر ويغربل مرويات المثكلم فيهم؛ بحيث يصدر حكمه عليهم عن خبرة بهم؛ ومعرفة بأحوالهم؛ ودراسة جيدة للأخبار المروية عن سبيلهم؛ مع عَرْضِ أحاديثهم على أحاديث الثقات؛ ليظهر مدى موافقتهم أو مخالفتهم لهم، فكأنه نظر في مرويات خالد بن قيس - على ثقته - عن قتادة؛ فوجده ينفرد عنه بجملة أحاديث لا يتابعه ثقات أصحاب قتادة عليها، وقتادة حافظ كبير مشهور، له تلاميذ وأصحاب قد جمعوا حديثه وحفظوه وكتبوه؛ فإذا تفرد مثل خالد بن قيس برواية عنه دون متابعة من أحد من هؤلاء عليها، لم يكن تفرده إلا مردودًا إن شاء الله. =

الصفحة 559