كتاب مسند أبي يعلى - ت السناري (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= وضعفه أبو داود والنسائى وغيرهما، وقد ساق له ابن عدى هذا الحديث في ترجمته من "الكامل" [٥/ ٢٠٧]، ثم قال: "ولعليّ بن مسعدة غير ما ذكرت عن قتادة، وكلها غير محفوظة" وذكره ابن حبان في "المجروحين" [٢/ ١١١]، وقال: "كان ممن يخطئ على قلة روايته؛ وينفرد بما لا يتابع عليه؛ فاستحق ترك الاحتجاج به بما لا يوافق الثقات من الأخبار ... " ثم ساق له هذا الحديث مع آخر.
وأقول: عليّ بن مسعدة هذا لا يحتمل تفرده عن مثل قتادة أصلًا، وإلى هذا أشار الترمذى بقوله عقب روايته: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عليّ بن مسعدة عن قتادة" وقتادة حافظ كبير له تلاميذ وأصحاب بكثرة؛ فإذا انفرد عنه مثل عليّ بن مسعدة برواية لم يتابعه فيها أحد من أصحاب قتادة، ولا تُعرف إلا من طريقه، لا تكون إلا مردودة عليه؛ وأين كان أصحاب قتادة أو بعضهم عن مثل تلك الطريق الفائدة؟!
بل قد خولف ابن مسعدة في سنده أيضًا، خالفه سعيد بن أبى عروبة - المقدَّم في قتادة - فرواه عنه فقال: (عن قتادة: قال: أوحى الله - تبارك وتعالى - إلى نبى من أنبياء بنى إسرائيل - عليهم السلام -: أن كل بنى آدم خطاؤون، وخير الخطائين التوابون) فجعله من قول قتادة رواية عن بعض أنبياء بنى إسرائيل.
هكذا أخرجه أحمد في "الزهد" [رقم ٤٩٨/ طبعة دار ابن رجب]، من طريق عبد الوهاب الخفاف عن سعيد به.
قلتُ: وهذا إسناد مستقيم؛ وعبد الوهاب ممن سمع منه ابن أبى عروبة قديمًا كما قاله أحمد وغيره؛ وهذا الوجه هو المحفوظ عن قتادة بلا تردد، وهو معدود من (الإسرائيليات) كما ترى، فانظر كيف جعله ابن مسعدة عن (قتادة عن أنس به مرفوعًا،؟!).
ووجدت للحديث طريقًا آخر عن أنس به مرفوعًا بجملة: (كل ابن آدم خطاء ... ) فقط، أخرجه أبو نعيم في "الحلية" [٦/ ٣٣٣]، وسنده هالك لا يفرح به، فيه سليمان بن عيسى صاحب كتاب "العقل" لكن لم يكن لمؤلفه عقل أصلًا، وهو الذي يقول عنه أبو حاتم والجوزجانى: "كذاب"، ويقول ابن عدى: "يضع الحديث" راجع ترجمته من "اللسان" [٣/ ٩٩].
وقد صح هذا الحديث موقوفًا من قول ابن عمر بلفظ: (كل ابن آدم خطاء إلا ما رحم الله) أخرجه ابن المبارك في "الزهد" [رقم ٢٩٩]، والبيهقى في "الشعب" [١/ رقم ٢٧٣]، وسنده صحيح حجة. =

الصفحة 585