كتاب مسند أبي يعلى - ت السناري (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= "قلتُ: الحارث هذا متروك، وقد خالفه الرقى - يعنى عبيد الله بن عمرو - كما تقدم في كلام الترمذى؛ وهو ثقة؛ فروايته عن معمر هي الصواب .... ".
قلتُ: قد كان يلزم الإمام أولًا تصحيح نسبة المخالفة إلى عبيد الله الرقى، وإلا فالإسناد إليه لا يثبت كما مضى؛ ولو ثبت إليه بأصح طريق؛ لم تكن روايته عن معمر هي الصواب أيضًا؛ لكونه قد خولف في سنده ووصله، خالفه عبد الرزاق، وهو أثبت الناس في معمر، فرواه عن معمر فقال: عن يحيى بن أبى كثير قال: "إنما يكره أن ينتعل الرجل قائمًا من أجل العنت" فجعله من قول ابن أبى كثير موقوفًا عليه، هكذا أخرجه عبد الرزاق [٢٠٢١٨]، ومن طريقه البيهقى في "الشعب" [٥/ رقم ٦٢٧٨].
وهذا هو الأشبه عن معمر، ويؤيده قول الترمذى الماضى: " ... ولا نعرف لحديث قتادة عن أنس أصلًا" وقد استشكل المباركفورى عبارة الترمذى في "شرحه على سننه" [٥/ ٣٨٥]، فظن أن الترمذى يعنى أن أصل الحديث لا يعرف، فتعقبه قائلًا: "كذا قال الترمذى، ... " ثم ساق بعض الشواهد الثابتة للحديث - وسيأتى الإشارة إليها - ثم قال: "فقول الترمذى: "لا نعرف لحديث قتادة عن أنس أصلًا" محل تأمل".
قلتُ: أنت لو انتبهت إلى تقييد عدم معرفة الترمذى لأصل الحديث بكونه من طريق قتادة عن أنس، لعلمت آنذاك أن تعقبك عليه هو الذي ليس له مَحلُّ تأمُّل، والقول ما قال الترمذى بلا تردد.
وقد مضى أن أصل الحديث هو ما رواه عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبى كثير من قوله موقوفًا عليه، نعم: لحديث أنس طريق آخر يرويه عنبسة بن سالم عن عبيد الله بن أبى بكر عن أنس به ... أخرجه البزار [ص ١٧١]، كَشْف؛ وابن عدى في "الكامل" [٥/ ٢٦٤]، والخطيب في "الجامع" [١/ ٣٩٣].
وهذا إسناد منكر، قال الهيثمى في "المجمع" [٥/ ٢٤٥]: "رواه البزار وفيه عنبسة بن سالم: قال البزار: لا نعلمه توبع على هذا، وضعفه أبو داود أيضًا" وعبارة أبى داود كما في "سؤالات الآجرى" [رقم ١٢١٣]: "عنبسة بن سالم صاحب الألواح عن عبيد الله بن أبى بكر: أحاديث موضوعة" وراجع ترجمته من "اللسان" [٤/ ٣٨٢].
لكن للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة يصح بها الحديث إن شاء الله: فانظرها في "الصحيحة" [٢/ ٣٤٧]، وأصحها على الإطلاق حديث ابن عمر عند ابن ماجه [٣٦١٩]، مثل سياق المؤلف هنا؛ وسنده صحيح.

الصفحة 599