كتاب مسند أبي يعلى - ت السناري (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= وقال ابن عدى بعد أن ذكر حديثًا آخر من رواية ابن وهب عن جرير: "وهذان الحديثان تفرد بهما ابن وهب عن جرير بن حازم، ولابن وهب عن جرير غير ما ذكرت غرائب".
وأخرجه أبو نعيم أيضًا في "الحلية" [٨/ ٣٣٠]، من هذا الطريق ثم قال: "غريب من حديث جرير عن قتادة، لم يروه عنه إلا ابن وهب".
قلتُ: وقد مشى جماعة على ظاهر الإسناد وصححوه، منهم ابن خزيمة وغيره، وقال الدارقطنى في "سننه" عقب روايته: "تفرد به جرير بن حازم عن قتادة وهو ثقة"، وقال ابن كثير في "تفسيره" [٢/ ٣١]: "هذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات" وصحح سنده الإمام أيضًا في "الإرواء" [١/ ١٢٧]، والذى يظهر منْ نَقْدِ أبى داود وابن عدى وأبى نعيم والطبرانى: أن هذا الحديث معدود في غرائب (عبد الله بن وهب) وهو حافظ حجة، والغرابة قد تُطْلَق في كلام الأوائل ويراد بها النكارة، كما تطلق ويراد بها مطلق التفرد، وتصرُّف أبى داود يدل على المعنى الأول، إذ قال: "هذا الحديث ليس بمعروف عن جرير بن حازم، ولم يروه إلا ابن وهب وحده" ونقل أبو عوانة عقب روايته في "صحيحه" عن أبى داود أيضًا أنه قال: "ليس هذا الحديث بمعروف عن جرير ولا عن قتادة، لم يروه إلا ابن وهب".
قلتُ: فمفاد هذا: أن ابن وهب قد أخطأ فيه على جرير، ولو كان الحديث معروفًا من رواية جرير؛ لما تفرد عنه به ابن وهب وحده، ولو كان معروفًا من رواية قتادة؛ لما تفرد عنه به جرير وحده، فلم يبق إلا أن يكون ابن وهب قد وَهِمَ فيه.
فإن قيل: هلَّا حملتم الوهم فيه على جرير بن حازم؟! فهو أولى بهذا من ابن وهب جزمًا، فقد كان جرير كثير الوهم في حديث قتادة، حتى ضعفه جماعة فيه، وصح عن أحمد أنه قال في حق جرير: "كان يحدث بالتوهم أشياء عن قتادة يسندها بواطيل" وقال أيضًا: "كأن حديثه عن قتادة غير حديث الناس، يسند أشياء ويوقف أشياء" وقال ابن معين عنه أيضًا: "يحدث عن قتادة عن أنس بأحاديث مناكير، ليس بشئ هو عن قتادة ضعيف" وقالوا في روايته عن قتادة غير ذلك، راجع "شرح العلل" لابن رجب [ص ٣٣٩/ طبعة السامرائى].
بل نص ابن رجب على أن هذا الحديث بخصوصه - مع جملة أخرى - قد أنكره أحمد ويحيى وغيرهما من الأئمة على جرير بن حازم، وهذا هو اللائق بإعلال ذلك الإسناد.
قلنا: قد كان الحمْلُ في هذا الإسناد على جرير أولى؛ لما مضى من كلام النقاد في روايته =

الصفحة 607