كتاب مسند أبي يعلى - ت السناري (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= وقد خُولف في سنده عن همام وحده، خالفه عفان بن مسلم - وهو أوثق منه و أحفظ - فرواه عن همام وحده فقال: عن قتادة: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحتجم ثنتين في الأخدعين، وواحدة في الكاهل) فجعله من مرسل قتادة.
هكذا أخرجه ابن سعد في "الطبقات" [١/ ٤٤٧]، وهذا هو المحفوظ عن همام؛ بل هذا هو المحفوظ عن قتادة أيضًا، وهمام أثبت بكثير في قتادة من جرير بن حازم، فقوله هو المتبع بلا تردد؛ لاسيما بعد تلك النقول التي قالها النقاد في رواية جرير عن قتادة، وكذا إنكارهم هذا الحديث عليه.
وقد وهم الباحث البارع؛ والمحقق الناقد: أبو معاذ طارق بن عوض الله المصرى بشأن رواية عمرو بن عاصم عن همام، فقال في كتابه "الإرشادات" [ص ٢٥٢ - ٢٥٣]، بعد أن ذكر رواية عمرو بن عاصم عن همام وجرير عن قتادة عن أنس به ... وعزا الحديث إلى الترمذي والحاكم ... قال: "وهذا يوُهِم أن همامًا يروى الحديث كمثل ما يرويه جرير بن حازم، من غير اختلاف بين روايتهما، وليس كذلك، وإنما يرويه همام بن يحيى عن قتادة عز النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، بدون ذكر (أنس بن مالك) في الإسناد، هكذا رواه عنه عفان بن مسلم ... أخرجه ابن سعد ... ".
قلتُ: وهذا كلام من لم يتأمل صفة صيغة عمرو بن عاصم لِتَحمُّلِ هذا الحديث عن همام وجرير عن قتادة عند الترمذي والحاكم، فقد وقع الحديث عندهما من طريقين عن عمرو بن عاصم قال: (حدثنا همام بن يحيى وجرير بن حازم قالا: ثنا قتادة عن أنس بن مالك به ... ) فانظر كيف صرح عمرو بسماع همام وجرير لهذا الحديث كليهما عن قتادة فقال: (قالا: ثنا قتادة ... ) فكيف يتأتى مع هذا اللفظ الصريح أن يكون عمرو قد سمعه من همام مرسلًا ومن جرير موصولًا؟! بل لا يكون ذلك محتملًا إلا إذا عنعن عمرو في سنده بين همام وجرير عن قتادة، كأن كان يقول: (حدثنا همام وجرير عن قتادة ... ) فهنا يتطرَّق ذلك الاحتمال لو كان إليه سبيل.
والغريب أن ذلك الباحث الناقد - حفظه الله - قد حكى هذا الإسناد تحقيقًا مثلما حكيناه نحن احتمالًا؛ فقال في معرض إعلاله للحديث: "مثال آخر: ما يرويه عمرو بن عاصم عن همام وجرير بن حازم عن قتادة عن أنس به ... " هكذا تصرف في حكاية صيغة الإسناد فأساء صنعًا، ولو أنه نقله كما رآه عند الترمذي والحاكم: (عن عمرو بن عاصم ثنا همام وجرير بن حازم قالا: حدثنا قتادة عن أنس ... ) لعلم أن تلك الصيغة لا تقتضى إلا أن يكون عمرو=

الصفحة 657