كتاب مسند أبي يعلى - ت السناري (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= قد سمعه من همام موصولًا كما سمعه من جرير تمامًا، ولو تحقق ذلك المحقق هذا الأمر، لأضرب عن هذا الحديث كله كمثال يزتكن إليه في التدليل على ما هو بسبيله، ولعله يحذفه من كتابه الفذ: "الإرشادات" في طبعة لاحقة، كى يضعه في موضعه اللائق به إن شاء الله.
أما استدلاله برواية عفان بن مسلم عن همام عن قتادة عن ابن سعد؛ كدليل على كون عمرو بن عاصم يرويه أيضًا مرسلًا عن همام كرواية عفان، فهذا لا ينفعه أصلًا، إلا في حالة واحدة فقط، وهى أن يُبْدِل عفانًا بعمرو بن عاصم في سنده عند ابن سعد، ويكون آنذاك ذِكْرُ سماع همام وجرير كلاهما من قتادة عند الترمذي والحاكم، قد وقع من أوهام بعضهم على عمرو، وأين كان ذلك في عالم الوجود؟! والصواب في رواية عفان بن مسلم هو ما ذكرناه سابقًا.
واللَّه المستعان.
وأما متابعة الأوزاعي لجرير بن حازم على مثله عن قتادة عن أنس به ...
فتلك متابعة لا يفرح بها إلا كل غَمْر، وسندها مخدوش إلى الأوزاعي للغاية، يرويها عنه محمد بن كثير المصيصي الثقفي ذلك الضعيف المختلط، وعنه يقول أحمد: "ليس بشئ، يحدث بأحاديث مناكير ليس لها أصل" وقال ابن عدي: "له روايات عن معمر والأوزاعي خاصة عداد، لا يتابعه عليها أحد" راجع كلام النقاد عنه في "التهذيب وذيوله".
والمحفوظ عن قتادة في هذا الحديث هو الإرسال كما مضى؛ لكن أبي نصر بن طريف القصَّاب إلا أن يرويه عن قتادة فيقول: (عن سعيد بن المسيب قال: احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأخدعين) فجعله من مرسل ابن المسيب بعد أن كان من مرسل قتادة.
هكذا أخرجه البخاري في "تاريخه" "الكبير" [٨/ ١٠٦]، - وعنده مختصر - وفى "تاريخه" "الأوسط" - وبعضهم يجعله "الصغير" [٢/ ١٥٧]، ومن طريقه العقيلي في "الضعفاء" [٤/ ٢٩٨]، وابن عدي في "الكامل" [٧/ ٣٢ - ٣٣]، ولفظ ابن عدي: (احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - على الأخدعين والكاهل).
ولكن من يكون هذا ابن الطريف القصاب حتى يفسد علينا: كون المحفوظ في الحديث إنما هو عن قتادة به مرسلًا؟! وما للقصَّابِين وهذه الصناعة؟! وعن نصر بن طريف هذا يقول ابن معين: "من المعروفين بوضع الحديث" وكذا كذبه الفلاس وغيره، وقد أسقطه سائر النقاد فسقط على أم رأسه، راجع ترجمته المظلمة من "اللسان" [٦/ ١٥٣]، وقال العقيلي عقب روايته:=

الصفحة 658