. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= فهكذا وقع عنده (محمد بن جبير) فنظرنا: فوجدنا عبد الرزاق قد أخرجه في "المصنف" [٧٣٠٢]، (عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أنه سمع محمد بن حنين يقول: كان ابن عباس ... ) فثبت بهذا أن ما وقع في "المسند" ما هو إلا ذلك التصحييف الذي سئمنا منه، والحديث مشهور برواية عمرو بن دينار عن محمد بن حنين عن ابن عباس به، كما يفهم من سؤال ابن المدينى لسفيان بن عيينة فيا نقله عنهما ابن أبى حاتم في تقدمة "الجرح والتعديل" [ص ٣٨].
وكل هذا يكاد ينادى باستحالة أن يكون ابن جريج قد اختلف عليه في سنده، هذا ما يتعلق برواية ابن جريج، أما ما ذكره الإمام من كون زكريا بن إسحاق قد تابع ابن جريج عليه عند الطحاوى [١/ ٢٠٩]، فلا بأس إن نظرنا في تلك المتابعة أيضًا.
فنقول: قال الطحاوى في "شرح المعانى" [١/ ٤٣٦/ طبعة العلمية]: (حدثنا على بن معبد قال: ثنا روح بن عبادة قال: ثنا زكريا عن عمرو بن دينار أن محمد بن جبير أخبره أنه سمع ابن عباس يقول ... ) ثم ساق الحديث.
ومن هذا الطريق أخرجه الطحاوى أيضًا في "المشكل" [٢/ ٢٩]، ومن طريق روح بن عبادة: أخرجه الخطيب أيضًا في "المتفق والمفترق" [١١٩٢]، ووقع عندهما كما فضى (محمد بن جبير).
قلتُ: لو لم تأت رواية أخرى تدل على وقوع التصحيف عند الطحاوى والخطيب في تلك الطريق؛ لكان ما مضى من البراهين كافيًا على تدعيم ما نحن بسبيله، فكيف وقد رواه البيهقى في "سننه" [٧٧٣٥]، وفى "فضائل الأوقات" [رقم ١٣٣]، ومن طريق أبى الحسين بن بشران عن أبى جعفر بن البخترى عن الحسن بن مكرم عن روح بن عبادة قال: (ثنا زكريا بن إسحاق، ثنا عمرو بن دينار، أن محمد بن حنين أخبره، أنه سمع ابن عباس يقول .... ) ثم ساق الحديث، هكذا وقع عنده: (محمد بن حنين)، ومن نفس طريق روح بن عبادة، وهذا هو الجادة، وما سواه فليس بصحيح ولم يثبت كما مضى، ثم وقفتُ على الجزء الأول من "فوائد ابن بشران" [رقم ٧١/ ضمن مجموع أجزاء حديثية]- وعنه رواه البيهقى، فوجدته قد وقع عنده (محمد بن جبير) أيضًا، فعلمت أن المرء إذا لم يكن متيقظًا لمثل تلك الأغاليط الواقعة في الأسانيد المبثوتة في بطون الدفاتر؛ زلَّ قدمه، وخاب سعيه، وندم على ما فاته.
وهذا الحديث مثال جيد على هذا كله، فبينما تراه صحيح الإسناد عند الإمام الألبانى في "الإرواء" [٤/ ٦]- لكونه لم يقف على ما وقفنا عليه - تراه عندنا ضعيف الإسناد، وربما وقع العكس في أحاديث أخر، نسأل الله اليقظة والإلهام فيما فيه مرضاته ونشر دينه، وإعزاز=