كتاب مسند أبي يعلى - ت السناري (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= لكن من علم ما تقدم علم أن هذا الصنيع ما هو إلا وهْم من بعضهم على ابن عيينة، وأنه ما رواه عن عمرو إلا عن عطاء مرسلًا، وأن الاتصال بذكر ابن عباس فيه ما وقع إلا في رواتيه عن ابن جريج لما قرنها برواية عمرو؛ فظن بعض تلامذة سفيان أن الحديث مجوَّد من الوجهين جميعًا،: (عن عمرو عن عطاء بن ابن عباس) و (عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس).
* والصواب: أن الثاني هو المتصل دون الأول، وقد أخرجه أبو عوانة [عقب رقم ٨٣٨]، من طريق إبراهيم بن بشار عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء، وعن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به ... هكذا فصله ابن بشار عن ابن عيينة وأجاد في ذلك، ثم قال أبو عوانة: "وروى هذا الحديث ابن أبى عمر - هو العدنى - عن سفيان مجودًا، عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس، وهو عندى خطأ إن شاء الله؛ لأن إبراهيم بن بشار الرمادى كان ثقة من كبار أصحاب سفيان، وممن سمع قديمًا منه، وقد بيَّن أن ابن عيينة لم يُجاوز به عطاءً"، ثم قال أبو عوانة: "فلو كان متصلًا لأدخله أبو الحسين عندى - يعنى في وجهة نظرى - في كتابه، ولم أره أدخله".
قلتُ: وأبو الحسين هو مسلم بن الحجاج، ومراد أبى عوانة: أن الحديث لو كان موصولًا من رواية ابن عيينة عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس، لما تركه مسلم في "صحيحه" دون رواية ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به كما تراه عنده [رقم ٦٤٢]، وسيأتى.
فثبت بذلك ما قلناه آنفًا، ومثل الوهم الذي وقع فيه ابن أبى عمر عن سفيان كما مضى، وقع في مثله محمد بن منصور المكى عند النسائي [٥٣٢]، ومعه عبدة بن عبد الرحيم والحسن بن عمارة كما ذكره الحافظ في "الفتح" [١٣/ ٢٢٩]، نقلًا عن الإسماعيلى في "مستخرجه".
لكن ذكر الحمدى أن ابن عيينة كان ربما حدث بهذا الحديث فيدرجه عن ابن عباس عن عمرو وابن جريج، وما يذكر فيه تفصيلًا بين الموصول منه والمرسل، فكأن صنيعه هذا أوهم جماعة ممن سمعوه منه؛ فرووه عنه موصولًا من الوجهين، وكان ابن عيينة يمتطى هذا السبيل الموهم في كثير من رواياته، بل قال يعقوب بن شيبة فيما نقله عنه ابن رجب في شرح "العلل" [ص ٣٦٠/ طبعة السامرائى]: "كان ابن عيينة ربما يحدث بحديث واحد عن اثنين [ووقع في الأصل: (عن أنس) وهى تصحيف، وهذه الطبعة مليئة بذلك، وما عندى غيرها] ويسوقه بسياق واحد منهما؛ فإذا أفرد الحديث عن الآخر، أرسله أو أوقفه".
قلتُ: وترى أمثلة لذلك في جملة من المسانيد والسنن، ولا أنشط الآن لاستخراج ذلك، فاللَّه المستعان! =

الصفحة 80